الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النشر في القراءات العشر ***
وَهِيَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا {التَّوْرِيَةُ} حَيْثُ وَقَعَتِ {الْكَافِرِينَ} حَيْثُ وَقَعَ بِالْيَاءِ مَجْرُورًا كَانَ، أَوْ مَنْصُوبًا {النَّاسِ} حَيْثُ وَقَعَ مَجْرُورًا {ضِعَافًا} فِي سُورَةِ النِّسَاءِ {آتِيكَ} فِي مَوْضِعَيِ النَّمْلِ {الْمِحْرَابِ} كَيْفَ وَقَعَ {عِمْرَانَ}. حَيْثُ أَتَى {الْإِكْرَامِ}، {إِكْرَاهِهِنَّ}، {الْحَوَارِيِّينَ} فِي الْمَائِدَةِ وَالصَّفِّ {لِلشَّارِبِينَ} فِي النَّحْلِ وَالصَّافَّاتِ وَالْقِتَالِ {مَشَارِبُ} فِي يس {آنِيَةٍ} فِي الْغَاشِيَةِ {عَابِدُونَ}، {عَابِدٌ} فِي الْكَافِرُونَ وَ{النَّصَارَى}، {أُسَارَى}، {كُسَالَى}، {الْيَتَامَى}، {سُكَارَى} حَيْثُ وَقَعَ {تَرَاءَ الْجَمْعَانِ} فِي الشُّعَرَاءِ، فَأَمَّا التَّوْرِيَةُ فَأَمَالَهُ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَابْنُ ذَكْوَانَ. وَاخْتُلِفَ عَنْ حَمْزَةَ وَقَالُونَ وَوَرْشٍ. فَأَمَّا حَمْزَةُ، فَرَوَى الْإِمَالَةَ الْمَحْضَةَ عَنْهُ مِنْ رِوَايَتَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ قَاطِبَةً وَجَمَاعَةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُسْتَنِيرِ، وَالْجَامِعِ لِابْنِ فَارِسٍ، وَالْمُبْهِجِ، وَالْإِرْشَادَيْنِ، وَالْكَامِلِ، وَالْغَايَتَيْنِ، وَالتَّجْرِيدِ، وَغَيْرِهَا. وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ الْحَسَنِ، وَرَوَى عَنْهُ الْإِمَالَةَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ جُمْهُورُ الْمَغَارِبَةِ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّذْكِرَةِ وَإِرْشَادِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصَيْنِ، وَالْكَافِي، وَالتَّيْسِيرِ، وَالْعُنْوَانِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ، وَعَلَى أَبِي الْفَتْحِ أَيْضًا عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ السَّامَرِّيِّ. وَأَمَّا قَالُونُ، فَرَوَى عَنْهُ الْإِمَالَةَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ الْمَغَارِبَةُ قَاطِبَةً وَآخَرُونَ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْكَامِلِ وَالْهَادِي، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالتَّلْخِيصَيْنِ، وَالْهِدَايَةِ، وَغَيْرِهَا. وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ وَقَرَأَ بِهِ أَيْضًا عَلَى شَيْخِهِ أَبِي الْفَتْحِ عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى السَّامَرِّيِّ يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ التَّيْسِيرِ، وَرَوَى عَنْهُ الْفَتْحَ الْعِرَاقِيُّونَ قَاطِبَةً وَجَمَاعَةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْكِفَايَتَيْنِ وَالْإِرْشَادِ وَالْغَايَتَيْنِ وَالتِّذْكَارِ وَالْمُسْتَنِيرِ، وَالْجَامِعِ، وَالْكَامِلِ، وَالتَّجْرِيدِ، وَغَيْرِهَا. وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ أَيْضًا عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ الْحَسَنِ يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ، وَهِيَ الطَّرِيقُ الَّتِي فِي التَّيْسِيرِ، وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ فِيهِ خُرُوجٌ عَنْ طَرِيقِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا الشَّاطِبِيُّ وَالصَّفْرَاوِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وَأَمَّا صَاحِبُ الْمُبْهِجِ فَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ أَنْ يَكُونَ لَهُ الْفَتْحُ وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْإِمَالَةِ بَيْنَ بَيْنَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ طُرُقِهِ. وَأَمَّا وَرْشٌ، فَرَوَى عَنْهُ الْإِمَالَةَ الْمَحْضَةَ الْأَصْبَهَانِيُّ، وَرَوَى عَنْهُ بَيْنَ بَيْنَ الْأَزْرَقُ، وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ، وَأَمَّا {الْكَافِرِينَ} فَأَمَالَهُ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الدُّورِيِّ وَرُوَيْسٍ عَنْ يَعْقُوبَ، وَوَافَقَهُمْ رَوْحٌ فِي النَّمْلِ، وَهُوَ {مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ}، وَاخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فَأَمَالَهُ الصُّورِيُّ عَنْهُ وَفَتَحَهُ الْأَخْفَشُ، وَأَمَالَهُ بَيْنَ بَيْنَ وَرْشٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ وَفَتَحَهُ الْبَاقُونَ، وَانْفَرَدَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ عَنِ الْأَزْرَقِ عَنْ وَرْشٍ، فَخَالَفَ سَائِرَ النَّاسِ عَنْهُ. وَانْفَرَدَ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ عَنِ ابْنِ شَنَبُوذَ عَنْ قُنْبُلٍ بِإِمَالَةِ بَيْنَ بَيْنَ، وَلَا نَعْرِفُهُ لِغَيْرِهِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا {النَّاسِ} فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو مِنْ رِوَايَةِ الدُّورِيِّ، فَرَوَى إِمَالَتَهُ أَبُو طَاهِرِ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ عَنْهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَسْنَدَ رِوَايَةَ الدُّورِيِّ فِيهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ الْفَارِسِيِّ عَنْ أَبِي طَاهِرٍ الْمَذْكُورِ، وَقَالَ فِي بَابِ الْإِمَالَةِ: وَأَقْرَأَنِي الْفَارِسِيُّ عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي طَاهِرٍ فِي قِرَاءَةِ أَبِي عَمْرٍو بِإِمَالَةِ فَتْحَةِ النُّونِ مِنَ {النَّاسِ} فِي مَوْضِعِ الْجَرِّ حَيْثُ وَقَعَ، وَذَلِكَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ الدُّورِيِّ، وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ رِوَايَةُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْيَزِيدِيِّ عَنْهُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو كَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْيَزِيدِيِّ وَأَبِي حَمْدُونَ وَابْنِ سَعْدُونَ، وَغَيْرِهِمْ، وَذَلِكَ كَانَ اخْتِيَارُ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ. قَالَ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ وَاخْتِيَارِي فِي قِرَاءَةِ أَبِي عَمْرٍو مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ الْعِرَاقِ الْإِمَالَةَ الْمَحْضَةَ فِي ذَلِكَ لِشُهْرَةِ مَنْ رَوَاهَا عَنِ الْيَزِيدِيِّ وَحُسْنِ اطِّلَاعِهِمْ وَوُفُورِ مَعْرِفَتِهِمْ. ثُمَّ قَالَ: وَبِذَلِكَ قَرَأْتُ عَلَى الْفَارِسِيِّ عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي طَاهِرِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ، وَبِهِ آخُذُ. قَالَ: وَقَدْ كَانَ ابْنُ مُجَاهِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يُقْرِئُ بِإِخْلَاصِ الْفَتْحِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، وَأَظُنُّ ذَلِكَ اخْتِيَارًا مِنْهُ وَاسْتِحْسَانًا فِي مَذْهَبِ أَبِي عَمْرٍو وَتَرَكَ لِأَجْلِهِ مَا قَرَأَهُ عَلَى الْمَوْثُوقِ بِهِ مِنْ أَئِمَّتِهِ إِذْ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَا حَرْفٍ وَتَرَكَ الْمُجْمَعَ فِيهِ عَنِ الْيَزِيدِيِّ وَمَالَ إِلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ إِمَّا لِقُوَّتِهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ، أَوْ لِسُهُولَتِهَا عَلَى اللَّفْظِ وَلِقُرْبِهَا عَلَى الْمُتَعَلِّمِ ؛ مِنْ ذَلِكَ إِظْهَارُ الرَّاءِ السَّاكِنَةِ عِنْدَ اللَّامِ، وَكَسْرُ هَاءِ الضَّمِيرِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْفِعْلِ الْمَجْزُومِ مِنْ غَيْرِ صِلَةٍ، وَإِشْبَاعُ الْحَرَكَةِ فِي {بَارِئِكُمْ}، وَ{يَأْمُرُكُمْ}. وَنَظَائِرِهِمَا، وَفَتْحُ الْهَاءِ وَالْخَاءِ فِي {يَهِدِّي}، وَ{يَخِصِّمُونَ}، وَإِخْلَاصُ فَتْحِ مَا كَانَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمُؤَنَّثَةِ عَلَى فِعْلَى وَفَعْلَى وَفُعْلَى فِي أَشْبَاهٍ لِذَلِكَ تَرَكَ فِيهِ رِوَايَةَ الْيَزِيدِيِّ وَاعْتَمَدَ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو لِمَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِنْ كَانَ فَعَلَ فِي {النَّاسِ} كَذَلِكَ وَسَلَكَ تِلْكَ الطَّرِيقَةَ فِي إِخْلَاصِ فَتْحِهِ لَمْ يَكُنْ إِقْرَاؤُهُ بِإِخْلَاصِ الْفَتْحِ حُجَّةً يُقْطَعُ بِهَا عَلَى صِحَّتِهِ، وَلَا يُدْفَعُ بِهَا رِوَايَةُ مَنْ خَالَفَهُ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ قِرَاءَةِ أَبِي عَمْرٍو مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي إِمَالَةِ {النَّاسِ} فِي مَوْضِعِ الْخَفْضِ، وَلَمْ يُتْبِعْهَا خِلَافًا مِنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاقِلِينَ عَنِ الْيَزِيدِيِّ، وَلَا ذَكَرَ أَنَّهُ قَرَأَ بِغَيْرِهَا كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِيمَا يُخَالِفُ قِرَاءَتُهُ رِوَايَةَ غَيْرِهِ ؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْفَتْحَ اخْتِيَارٌ مِنْهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْحَرْبِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو أَنَّ الْإِمَالَةَ فِي {النَّاسِ} فِي مَوْضِعِ الْخَفْضِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَنَّهُ كَانَ يُمِيلُهُ انْتَهَى، وَرَوَاهُ الْهُذَلِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ فَرَحٍ عَنِ الدُّورِيِّ، وَعَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَرَوَى سَائِرُ النَّاسِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو مِنْ رِوَايَةِ الدُّورِيِّ، وَغَيْرِهِ الْفَتْحَ، وَهُوَ الَّذِي اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ، وَالشَّامِيُّونَ، وَالْمِصْرِيُّونَ وَالْمَغَارِبَةُ، وَلَمْ يَرْوُوهُ بِالنَّصِّ عَنْ أَحَدٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَمْرٍو إِلَّا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْيَزِيدِيِّ وَسِبْطِهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ عِنْدَنَا مِنْ رِوَايَةِ الدُّورِيِّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَقَرَأْنَا بِهِمَا، وَبِهِمَا نَأْخُذُ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ، وَأَمَّا {ضِعَافًا} فَأَمَالَهُ حَمْزَةُ مِنْ رِوَايَةِ خَلَفٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْ خَلَّادٍ، فَرَوَى أَبُو عَلِيِّ بْنُ بَلِّيمَةَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ إِمَالَتَهُ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَلَكِنْ قَالَ فِي التَّيْسِيرِ: إِنَّهُ بِالْفَتْحِ يَأْخُذُ لَهُ، وَقَالَ فِي الْمُفْرَدَاتِ: إِنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ بِالْفَتْحِ، وَعَلَى أَبِي الْحَسَنِ بِالْوَجْهَيْنِ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ الْفَتْحَ، وَقَالَ ابْنُ غَلْبُونَ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَاخْتُلِفَ عَنْ خَلَّادٍ، فَرَوَى عَنْهُ الْإِمَالَةَ وَالْفَتْحَ وَأَنَا آخُذُ لَهُ بِالْوَجْهَيْنِ كَمَا قَرَأْتُ قُلْتُ: وَبِالْفَتْحِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ قَاطِبَةً، وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْأَدَاءِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا {آتِيكَ} فَأَمَالَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ خَلَفٌ فِي اخْتِيَارِهِ عَنْ حَمْزَةَ، وَاخْتُلِفَ عَنْ خَلَّادٍ أَيْضًا فِيهِمَا، فَرَوَى الْإِمَالَةَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ فِي الْكَافِي، وَابْنُ غَلْبُونَ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَأَبُوهُ فِي إِرْشَادِهِ وَمَكِّيٌّ فِي تَبْصِرَتِهِ، وَابْنُ بَلِّيمَةَ فِي تَلْخِيصِهِ وَأَطْلَقَ الْإِمَالَةَ لِحَمْزَةَ بِكَمَالِهِ ابْنُ مُجَاهِدٍ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الشَّاطِبِيَّةِ، وَكَذَلِكَ فِي التَّيْسِيرِ، وَقَالَ: إِنَّهُ يَأْخُذُ بِالْفَتْحِ. وَقَالَ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ إِنَّهُ هُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُ، وَبِهِ قَرَأَ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ وَبِالْإِمَالَةِ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ. وَالْفَتْحُ مَذْهَبُ جُمْهُورٍ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَغَيْرِهِمْ، وَانْفَرَدَ سِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي كِفَايَتِهِ فَلَمْ يَذْكُرْ فِي رِوَايَةِ إِدْرِيسَ عَنْ خَلَفٍ فِي اخْتِيَارِهِ إِمَالَةً فَخَالَفَ سَائِرَ النَّاسِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا {الْمِحْرَابِ} فَأَمَالَهُ ابْنُ ذَكْوَانَ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ إِذَا كَانَ مَجْرُورًا، وَذَلِكَ مَوْضِعَانِ {يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ} فِي آلِ عِمْرَانَ وَ{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ} فِي مَرْيَمَ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي الْمَنْصُوبِ، وَهُوَ مَوْضِعَانِ أَيْضًا {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ} فِي آلِ عِمْرَانَ، وَ{إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} فِي ص فَأَمَالَهُ فِيهِمَا النَّقَّاشُ عَنِ الْأَخْفَشِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسٍ، وَرَوَاهُ أَيْضًا هِبَةُ اللَّهِ عَنِ الْأَخْفَشِ، وَهِيَ رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدٍ الْإِسْكَنْدَرَانِيِّ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ وَفَتَحَهُ عَنْهُ الصُّورِيُّ وَابْنُ الْأَخْرَمِ عَنِ الْأَخْفَشِ وَسَائِرُ أَهْلِ الْأَدَاءِ مِنَ الشَّامِيِّينَ، وَالْمِصْرِيِّينَ، وَالْعِرَاقِيِّينَ، وَالْمَغَارِبَةِ، وَنَصَّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ لِابْنِ ذَكْوَانَ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالْإِعْلَانِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْمُسْتَنِيرِ مِنْ طَرِيقِ هِبَةِ اللَّهِ، وَفِي الْمُبْهِجِ مِنْ طَرِيقِ الْإِسْكَنْدَرَانِيِّ، وَفِي جَامِعِ الْبَيَانِ مِنْ رِوَايَةِ الثَّعْلَبِيِّ وَابْنِ الْمُعَلَّى وَابْنِ أَنَسٍ كُلِّهِمْ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الْأَخْفَشُ فِي كِتَابِهِ الْخَاصِّ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا {عِمْرَانَ}، وَهُوَ فِي قَوْلِهِ: {آلَ عِمْرَانَ}، وَ{امْرَأَةُ عِمْرَانَ}، {ابْنَتَ عِمْرَانَ}، وَ{الْإِكْرَامِ} وَهُوَ الْمَوْضِعَانِ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ، {إِكْرَاهِهِنَّ}، وَهُوَ فِي النُّورِ فَاخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فِيهَا، فَرَوَى بَعْضُهُمْ إِمَالَةَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَحْرُفِ عَنْهُ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ فِي التَّجْرِيدِ غَيْرَهُ، وَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْأَخْفَشِ عَنْهُ، وَمِنْ طَرِيقِ النَّقَّاشِ وَهِبَةِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَسَلَامَةِ بْنِ هَارُونَ وَابْنِ شَنَبُوذَ وَمُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ خَمْسَتُهُمْ عَنِ الْأَخْفَشِ، وَرَوَاهُ أَيْضًا فِي الْعُنْوَانِ، وَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شَنَبُوذَ وَسَلَامَةِ ابْنِ هَارُونَ، وَذَكَرَهُ فِي التَّيْسِيرِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ، وَلَكِنَّهُ مُنْقَطِعٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى التَّيْسِيرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ بِطَرِيقِ النَّقَّاشِ عَنِ الْأَخْفَشِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي التَّيْسِيرِ، بَلْ قَرَأَ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ أَبِي بَكْرِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُرْشِدٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الزَّرْزِ وَمُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُوسَى وَأَبِي طَاهِرٍ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَعْلَبَكِّيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ شَنَبُوذَ وَأَبِي نَصْرٍ سَلَامَةَ بْنِ هَارُونَ خَمْسَتُهُمْ عَنِ الْأَخْفَشِ، وَرَوَاهُ أَيْضًا الْعِرَاقِيُّونَ قَاطِبَةً مِنْ طَرِيقِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْأَخْفَشِ، وَرَوَاهُ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنِ الْإِسْكَنْدَرَانِيِّ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، وَرَوَى سَائِرُ أَهْلِ الْأَدَاءِ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ، وَغَيْرُهُمْ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ الْفَتْحَ، وَهُوَ الثَّابِتُ مِنْ طُرُقْنَا سِوَى مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ طَرِيقِ النَّقَّاشِ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ عَنِ الْأَخْفَشِ، وَعَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ أَيْضًا، وَقَدْ ذَكَرَهُمَا جَمِيعًا أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ. وَالصَّفْرَاوِيُّ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا {الْحَوَارِيِّينَ} فَاخْتُلِفَ فِي إِمَالَتِهِ عَنِ الصُّورِيِّ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، فَرَوَى إِمَالَتَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ زَيْدُ مِنْ طَرِيقِ الْإِرْشَادِ لِأَبِي الْعِزِّ، وَكَذَلِكَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ مِنْ طَرِيقِ الْقَبَّابِ، وَنَصَّ أَبُو الْعِزِّ فِي الْكِفَايَةِ عَلَى حَرْفِ الصَّفِّ فَقَطْ، وَكَذَلِكَ فِي الْمُسْتَنِيرِ وَجَامِعِ ابْنِ فَارِسٍ وَالصَّحِيحُ إِطْلَاقُ الْإِمَالَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا {لِلشَّارِبِينَ} فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فَأَمَالَهُ عَنْهُ الصُّورِيُّ وَفَتَحَهُ الْأَخْفَشُ، وَلَمْ يَذْكُرْ إِمَالَتَهُ فِي الْمُبْهِجِ لِغَيْرِ الْمُطَّوِّعِيِّ عَنْهُ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا {مَشَارِبُ} فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ هِشَامٍ وَابْنِ ذَكْوَانَ جَمِيعًا، فَرَوَى إِمَالَتَهُ عَنْ هِشَامٍ جُمْهُورُ الْمَغَارِبَةِ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالْكَافِي، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالتَّجْرِيدِ، مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي، وَغَيْرِهَا. وَكَذَا رَوَاهُ الصُّورِيُّ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، وَرَوَاهُ الْأَخْفَشُ عَنْهُ بِالْفَتْحِ، وَكَذَا رَوَاهُ الدَّاجُونِيُّ عَنْ هِشَامٍ. وَأَمَّا {آنِيَةٍ} فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ هِشَامٍ، فَرَوَى إِمَالَتَهُ الْحُلْوَانِيُّ، وَبِهِ قَرَأَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي، وَهُوَ الَّذِي لَمْ تَذْكُرِ الْمَغَارِبَةُ عَنْ هِشَامٍ سِوَاهُ، وَرَوَى فَتْحَهُ الدَّاجُونِيُّ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرِ الْعِرَاقِيُّونَ عَنْ هِشَامٍ سِوَاهُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ بِهِ قَرَأْنَا، وَبِهِ نَأْخُذُ وَأَمَّا {عَابِدُونَ}- كِلَاهُمَا- وَ{عَابِدٌ}، وَهِيَ فِي الْكَافِرُونَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا عَنْ هِشَامٍ، فَرَوَى إِمَالَتَهُ الْحُلْوَانِيُّ عَنْهُ، وَرَوَى فَتْحَهُ الدَّاجُونِيُّ، وَأَمَّا الْأَلِفُ بَعْدَ الصَّادِ {مِنَ النَّصَارَى}، {نَصَارَى}، وَبَعْدَ السِّينِ مِنْ {أُسَارَى}، {كُسَالَى}، وَبَعْدَ التَّاءِ مِنَ {الْيَتَامَى}، وَ{يَتَامَى}، وَبَعْدَ الْكَافِ مِنْ {سُكَارَى} فَاخْتُلِفَ فِيهَا عَنِ الدُّورِيِّ عَنِ الْكِسَائِيِّ فَأَمَالَهَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّرِيرُ عَنْهُ تِبَاعًا لِإِمَالَةِ أَلِفِ التَّأْنِيثِ وَمَا قَبْلَهَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الْخَمْسَةِ وَفَتَحَهَا الْبَاقُونَ عَنِ الدُّورِيِّ، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنْهُ أَيْضًا عَنِ الدُّورِيِّ بِإِمَالَتِهِ {أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} فَخَالَفَ سَائِرَ الرُّوَاةِ مِنَ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ وَأَمَالَ {تَرَاءَ الْجَمْعَانِ} فَأَمَالَ الرَّاءَ دُونَ الْهَمْزَةِ حَالَ الْوَصْلِ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ، وَإِذَا وَقَفَا أَمَالَا الرَّاءَ وَالْهَمْزَةَ جَمِيعًا وَمَعَهُمَا الْكِسَائِيُّ فِي الْهَمْزَةِ فَقَطْ عَلَى أَصْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي ذَوَاتِ الْيَاءِ، وَكَذَا وَرْشٌ عَلَى أَصْلِهِ فِيهَا مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ بَيْنَ بَيْنَ بِخِلَافٍ عَنْهُ فَاعْلَمْ ذَلِكَ وَشَذَّ الْهُذَلِيُّ، فَرَوَى إِمَالَةَ {ذَلِكَ}، {ذَلِكُمْ} عَنِ ابْنِ شَنَبُوذَ عَنْ قُنْبُلٍ وَأَحْسَبُهُ غَلَطًا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهِيَ خَمْسَةٌ فِي سَبْعَ عَشْرَةَ سُورَةً: أَوَّلُهَا الرَّاءُ مِنَ {الر} أَوَّلَ يُونُسَ، وَهُودٍ، وَيُوسُفَ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَالْحِجْرِ؛ وَمِنَ {المر}، أَوَّلَ الرَّعْدِ فَأَمَالَ الرَّاءَ مِنَ السُّوَرِ السِّتِّ أَبُو عُمَرَ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ، وَهَذَا الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ لِابْنِ عَامِرٍ بِكَمَالِهِ، وَعَلَيْهِ الْمَغَارِبَةُ، وَالْمِصْرِيُّونَ قَاطِبَةً، وَأَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ فِي التَّذْكِرَةِ، وَالْمُبْهِجِ، وَالْكَافِي، وَأَبُو مَعْشَرٍ فِي تَلْخِيصِهِ، وَالْهُذَلِيُّ فِي كَامِلِهِ، وَغَيْرُهُمْ عَنْهُ سِوَاهُ إِلَّا أَنَّ الْهُذَلِيَّ اسْتَثْنَى عَنْ هِشَامٍ الْفَتْحَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبْدَانَ يَعْنِي عَنِ الْحُلْوَانِيِّ عَنْهُ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْعِزِّ فِي كِفَايَتِهِ، وَزَادَ الْفَتْحُ أَيْضًا لَهُ مِنْ طَرِيقِ الدَّاجُونِيِّ وَتَبِعَهُ عَلَى الْفَتْحِ لِلدَّاجُونِيِّ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ سَوَّارٍ وَابْنُ فَارِسٍ عَنِ الدَّاجُونِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي التَّجْرِيدِ عَنْ هِشَامٍ إِمَالَةً أَلْبَتَّةَ قُلْتُ: وَالصَّوَابُ عَنْ هِشَامٍ هُوَ الْإِمَالَةُ إِمَالَةُ أَحْرُفِ الْهِجَاءِ فَى أَوْئِلِ السُّوَرِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ، فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ هِشَامٌ كَذَلِكَ فِي كِتَابِهِ أَعْنِي عَلَى الْإِمَالَةِ، وَرَوَاهُ أَيْضًا مَنْصُوصًا عَنِ ابْنِ عَامِرٍ بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ: أَبُو الْحَسَنِ بْنُ غَلْبُونَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ النَّاصِحِ نَزِيلَ دِمَشْقَ قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَنَسٍ يَعْنِي أَبَا الْحَسَنِ صَاحِبُ هِشَامٍ وَابْنُ ذَكْوَانَ قَالَ: ثَنَا هِشَامٌ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ {الر} مَكْسُورَةَ الرَّاءِ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو: الدَّانِيُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُ يَعْنِي عَنْ هِشَامٍ، وَلَا يَعْرِفُ أَهْلُ الْأَدَاءِ عَنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ انْتَهَى. وَرَوَاهَا الْأَزْرَقُ عَنْ وَرْشٍ، بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ، وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ وَقَالُونَ وَالْعُلَيْمِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِإِمَالَةٍ بَيْنَ بَيْنَ وَتَبِعَهُ فِي ذَلِكَ الْهُذَلِيُّ عَنِ ابْنِ بُويَانَ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ عَنْ قَالُونَ، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ عَنْ قَالُونَ بِالْإِمَالَةِ الْمَحْضَةِ مَعَ مَنْ أَمَالَ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْكَنْزِ مِنْ حَيْثُ أَسْنَدَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِهِ.
وَثَانِيهَا الْهَاءُ مِنْ فَاتِحَةِ {كهيعص}، وَ{طه} فَأَمَّا الْهَاءُ مِنْ {كهيعص} فَأَمَالَهَا أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْ قَالُونَ وَوَرْشٍ، فَأَمَّا قَالُونُ فَاتَّفَقَ الْعِرَاقِيُّونَ عَلَى الْفَتْحِ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْهَادِي، وَغَيْرِهِمَا مِنْ طُرُقِ الْمَغَارِبَةِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْكَافِي، وَفِي التَّبْصِرَةِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَقَرَأَ نَافِعٌ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ الْفَتْحُ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَقَطَعَ لَهُ أَيْضًا بِالْفَتْحِ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ الْحَسَنِ يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ، وَهِيَ طَرِيقُ التَّيْسِيرِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِيهِ فَهُوَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا عَنْ طُرُقِهِ، وَرَوَى عَنْهُ بَيْنَ بَيْنَ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالتَّلْخِيصَيْنِ، وَالْعُنْوَانِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالْكَامِلِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي فِي الْكَافِي وَالتَّبْصِرَةِ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ، وَعَلَى أَبِي الْفَتْحِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ. وَأَمَّا وَرْشٌ فَرَوَاهُ عَنْهُ الْأَصْبَهَانِيُّ بِالْفَتْحِ. وَاخْتُلِفَ عَنِ الْأَزْرَقِ فَقَطَعَ لَهُ بَيْنَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالتَّلْخِيصَيْنِ، وَالْكَافِي، وَالتَّذْكِرَةِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْكَافِي وَالتَّبْصِرَةِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَقَطَعَ لَهُ بِالْفَتْحِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْهَادِي، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي فِي الْكَافِي وَالتَّبْصِرَةِ، وَانْفَرَدَ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ بِبَيْنَ بَيْنَ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ وَرْشٍ، وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ عَنِ الْعُلَيْمِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِالْفَتْحِ فَخَالَفَ فِي ذَلِكَ سَائِرَ النَّاسِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الْهَاءُ مِنْ {طه} فَأَمَالَهَا أَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْ وَرْشٍ، فَفَتَحَهَا عَنْهُ الْأَصْبَهَانِيُّ ثُمَّ اخْتَلَفُوا عَنِ الْأَزْرَقِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى الْإِمَالَةِ عَنْهُ مَحْضًا، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ، وَالْعُنْوَانِ، وَالْكَامِلِ، وَفِي التَّجْرِيدِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى ابْنِ نَفِيسٍ وَالتَّبْصِرَةِ، مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي الطَّيِّبِ وَقَوَّاهُ بِالشُّهْرَةِ وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْكَافِي، وَلَمْ يُمِلِ الْأَزْرَقُ مَحْضًا فِي هَذِهِ الْكُتُبِ سِوَى هَذَا الْحَرْفِ، وَلَمْ يَقْرَأِ الدَّانِيُّ عَلَى شُيُوخِهِ بِسِوَاهُ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ عَنْهُ بَيْنَ بَيْنَ، وَهُوَ الَّذِي فِي تَلْخِيصِ أَبِي مَعْشَرٍ وَالْوَجْهُ الثَّانِي فِي الْكَافِي، وَفِي التَّجْرِيدِ أَيْضًا مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ شَنَبُوذَ عَنِ النَّحَّاسِ عَنِ الْأَزْرَقِ نَصًّا فَقَالَ: يُشِمُّ الْهَاءَ الْإِمَالَةَ قَلِيلًا. وَانْفَرَدَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ بِإِمَالَتِهَا مَحْضًا عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، وَانْفَرَدَ الْهُذَلِيُّ عَنْهُ، وَعَنْ قَالُونَ بَيْنَ بَيْنَ وَتَابَعَهُ عَنْ قَالُونَ فِي ذَلِكَ أَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ، وَكَذَا أَبُو عَلِيٍّ الْعَطَّارُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الطَّبَرِيِّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ إِلَّا أَنَّهُمَا يُمِيلَانِ مَعَهَا الطَّاءَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، وَانْفَرَدَ فِي الْهِدَايَةِ بِالْفَتْحِ عَنِ الْأَزْرَقِ، وَهُوَ وَجْهٌ أَشَارَ إِلَيْهِ بِالضَّعْفِ فِي التَّبْصِرَةِ، وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ بِالْفَتْحِ عَنِ الْعُلَيْمِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَبَيْنَ بَيْنَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ سِوَاهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَثَالِثُهَا الْيَاءُ مِنْ {كهيعص}، وَ{يس} فَأَمَّا الْيَاءُ مِنْ {كهيعص} فَأَمَالَهَا ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ هِشَامٍ، وَبِهِ قَطَعَ لَهُ ابْنُ مُجَاهِدٍ وَابْنُ شَنَبُوذَ وَالْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ، وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ صَاحَبُ الْكَامِلِ، وَكَذَلِكَ صَاحَبُ الْمُبْهِجِ، وَكَذَلِكَ صَاحِبَا التَّلْخِيصَيْنِ بَيْنَ بَيْنَ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّذْكِرَةِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْكَافِي، وَغَيْرِهَا. وَرَوَى جَمَاعَةٌ لَهُ الْفَتْحَ كَصَاحِبِ التَّجْرِيدِ، وَالْمَهْدَوِيِّ، وَرَوَاهُ أَبُو الْعِزِّ بْنُ سَوَّارٍ وَابْنُ فَارِسٍ وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ مِنْ طَرِيقِ الدَّاجُونِيِّ، وَاخْتُلِفَ عَنْ نَافِعٍ مِنْ رِوَايَتَيْهِ فَأَمَالَهَا بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ مَنْ أَمَالَ الْهَاءَ كَذَلِكَ فِيمَا قَدَّمْنَا وَفَتَحَهَا عَنْهُ مَنْ فَتَحَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْهَاءِ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ فِي انْفِرَادِ الْهُذَلِيِّ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ وَابْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْعُلَيْمِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَأَمَّا أَبُو عَمْرٍو فَوَرَدَ عَنْهُ إِمَالَةُ الْيَاءِ مِنْ رِوَايَةِ الدُّورِيِّ طَرِيقَ ابْنِ فَرَحٍ مِنْ كِتَابِ التَّجْرِيدِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي وَغَايَةِ ابْنِ مِهْرَانَ وَأَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ وَوَرَدَتِ الْإِمَالَةُ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ السُّوسِيِّ فِي كِتَابِ التَّجْرِيدِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي ابْنِ فَارِسٍ يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ الْقُرَشِيِّ عَنْهُ، وَفِي كِتَابِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ عَنِ السُّوسِيِّ نَصًّا، وَفِي كِتَابِ جَامِعِ الْبَيَانِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الرُّقِّيِّ وَأَبِي عِمْرَانَ بْنِ جَرِيرٍ حَسْبَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ، وَقَدْ أَبْهَمَ فِي التَّيْسِيرِ وَالْمُفْرَدَاتِ حَيْثُ قَالَ عَقِبَ ذِكْرِهِ الْإِمَالَةَ: وَكَذَا قَرَأْتُ فِي رِوَايَةِ أَبِي شُعَيْبٍ عَلَى فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ قِرَاءَتِهِ فَأُوهِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ الَّتِي هِيَ طَرِيقُ التَّيْسِيرِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّاطِبِيُّ، وَزَادَ وَجْهَ الْفَتْحِ فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ عَنِ السُّوسِيِّ، وَهُوَ مَعْذُورٌ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الدَّانِيَّ أَسْنَدَ رِوَايَةَ أَبِي شُعَيْبٍ السُّوسِيِّ فِي التَّيْسِيرِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسٍ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ قَرَأَ بِالْإِمَالَةِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مِنْ أَيِ طَرِيقٍ قَرَأَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِأَبِي شُعَيْبٍ. وَكَانَ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُبَيِّنَهُ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الْجَامِعِ حَيْثُ قَالَ: وَبِإِمَالَةِ فَتْحَةِ الْهَاءِ وَالْيَاءِ قَرَأْتُ فِي رِوَايَةِ السُّوسِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ النَّحْوِيِّ عَنْهُ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ عَنْ قِرَاءَتِهِ، وَقَالَ فِيهِ: إِنَّهُ قَرَأَ بِفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي شُعَيْبٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْهُ عَنِ الْيَزِيدِيِّ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى ذَلِكَ لَكُنَّا أَخَذْنَا مِنْ إِطْلَاقِهِ الْإِمَالَةَ لِأَبِي شُعَيْبٍ السُّوسِيِّ مِنْ كُلِّ طَرِيقٍ قَرَأَ بِهَا عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسٍ. وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ نَعْلَمْ إِمَالَةَ الْيَاءِ وَرَدَتْ عَنِ السُّوسِيِّ فِي غَيْرِ طَرِيقٍ مِنْ ذِكْرِنَا وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي طَرِيقِ التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، بَلْ وَلَا فِي طُرُقِ كِتَابِنَا، وَنَحْنُ لَا نَأْخُذُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ مَنْ ذَكَرْنَا، وَأَمَّا الْيَاءُ مِنْ {يس} فَأَمَالَهَا حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ وَرَوْحٌ؛ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ الْأَدَاءِ عَنْ حَمْزَةَ. رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ بَيْنَ بَيْنَ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْعُنْوَانِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَتَلْخِيصِ أَبِي مَعْشَرٍ الطَّبَرِيِّ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ مُجَاهِدٍ عَنْهُ، وَرَوَاهُ نَصًّا عَنْهُ كَذَلِكَ خَلَفٌ وَخَلَّادٌ وَالدُّورِيُّ وَابْنُ سَعْدَانَ وَأَبُو هِشَامٍ، وَقَدْ قَرَأْنَا بِهِ مِنْ طُرُقِ مَنْ ذَكَرْنَا. وَاخْتُلِفَ أَيْضًا عَنْ نَافِعٍ فَالْجُمْهُورُ عَنْهُ عَلَى الْفَتْحِ، وَقَطَعَ لَهُ بِبَيْنَ بَيْنَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ بَلِّيمَةَ فِي تَلْخِيصِهِ، وَأَبُو طَاهِرِ بْنُ خَلَفٍ فِي عُنْوَانِهِ، وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ ابْنُ مُجَاهِدٍ، وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْكَامِلِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ فَيَدْخُلُ بِهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، وَكَذَا رَوَاهُ صَاحِبُ الْمُسْتَنِيرِ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي عَلِيٍّ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقٍ الطَّبَرِيِّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنْ نَافِعٍ، وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ بِالْفَتْحِ عَنْ رَوْحٍ وَأَفْرَدَ أَبُو الْعِزِّ فِي كِفَايَتِهِ بِالْفَتْحِ عَنِ الْعُلَيْمِيِّ فَخَالَفَ سَائِرَ الرُّوَاةِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَرَابِعُهَا الطَّاءُ مِنْ {طه}، وَمِنْ {طسم} الشُّعَرَاءِ وَفِي الْقَصَصِ، وَمِنْ {طس} النَّمْلِ. فَأَمَّا الطَّاءُ مِنْ {طه} فَأَمَالَهَا حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ. وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ إِلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْكَامِلِ رَوَى بَيْنَ بَيْنَ فِيهَا عَنْ نَافِعٍ سِوَى الْأَصْبَهَانِيِّ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَوَّارٍ، وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ عَنِ الْعُلَيْمِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِالْفَتْحِ، وَلَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الطَّاءُ مِنْ {طسم}، وَ{طس} فَأَمَالَهَا أَيْضًا حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ. وَانْفَرَدَ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ عَنْ نَافِعٍ بِبَيِّنِ اللَّفْظَيْنِ، وَوَافَقَهُ فِي ذَلِكَ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ إِلَّا أَنَّهُ عَنْ قَالُونَ لَيْسَ مِنْ طَرِيقِنَا.
وَخَامِسُهَا الْحَاءُ مِنْ {حم} فِي السَّبْعِ السُّوَرِ أَمَالَهَا مَحْضًا حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ، وَابْنُ ذَكْوَانَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَمَالَهَا بَيْنَ بَيْنَ وَرْشٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ، وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو فَأَمَالَهَا عَنْهُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالْكَافِي، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْعُنْوَانِ، وَالتَّلْخِيصَيْنِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالْكَامِلِ، وَسَائِرُ الْمَغَارِبَةِ، وَبِهِ قَرَأَ فِي التَّجْرِيدِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي، وَقَالَ الْهُذَلِيُّ: وَعَلَيْهِ الْحُذَّاقُ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي عَمْرٍو، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي أَحْمَدَ السَّامَرِّيِّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنِ الْيَزِيدِيِّ، وَعَلَى أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ الْفَارِسِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ عَنْ قِرَاءَتِهِمْ مِنْ رِوَايَتَيِ الدُّورِيِّ وَالسُّوسِيِّ جَمِيعًا وَفَتَحَهَا عَنْهُ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَنِيرِ، وَالْإِرْشَادَيْنِ، وَالْجَامِعِ، وَابْنُ مِهْرَانَ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ الْحَسَنِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ، وَانْفَرَدَ أَبُو الْعِزِّ بِالْفَتْحِ عَنِ الْعُلَيْمِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ. وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ بِالْفَتْحِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فَخَالَفَا سَائِرَ الرُّوَاةِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدِ انْفَرَدَ الْهُذَلِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بِإِمَالَةِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فِي الْهَاءِ وَالْيَاءِ وَالطَّاءِ مِنْ فَاتِحَةِ {مَرْيَمَ}، {طه}، وَ{طسم}، وَ{طس}، وَ{يس} مِنْ رِوَايَتَيْهِ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْهَاءَ وَالْيَاءَ مِنْ {كهيعص} أَمَالَهُمَا جَمِيعًا الْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ، وَكَذَا أَبُو عَمْرٍو مِنْ طَرِيقِ مَنْ ذَكَرَ عَنْهُ فِي رِوَايَتَيْهِ، وَأَمَالَهُمَا بَيْنَ بَيْنَ نَافِعُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَالَ الْهَاءَ وَفَتَحَ الْيَاءَ أَبُو عَمْرٍو فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ كَمَا ذَكَرْنَا وَفَتَحَ الْهَاءَ، وَأَمَالَ الْيَاءَ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ وَابْنُ ذَكْوَانَ وَهِشَامٌ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَفَتَحَهُمَا الْبَاقُونَ وَهُمُ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ وَحَفْصٌ وَنَافِعُ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ، وَهِشَامٌ مِنْ طَرِيقِ مَنْ ذَكَرَ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ الْأَصْبَهَانِيُّ عَنْ وَرْشٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَالْعُلَيْمِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مِنْ طَرِيقِ الْهُذَلِيِّ. وَأَمَالَ الطَّاءَ وَالْهَاءَ مِنْ {طه} حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ. وَفَتَحَ الطَّاءَ، وَأَمَالَ الْهَاءَ أَبُو عَمْرٍو وَالْأَزْرَقُ عَنْ وَرْشٍ فِي أَحَدِ وَجْهَيْهِ وَالْأَصْبَهَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ التَّجْرِيدِ وَفَتَحَ الطَّاءَ، وَأَمَالَ الْهَاءَ بَيْنَ بَيْنَ الْأَزْرَقُ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ، وَقَالُونُ مِنْ طَرِيقِ مَنْ ذَكَرَ عَنْهُ. وَأَمَالَ الْهَاءَ فَقَطْ بَيْنَ بَيْنَ الْأَصْبَهَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْكَامِلِ وَفَتَحَهُمَا الْبَاقُونَ وَهُمُ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ وَحَفْصٌ وَالْأَصْبَهَانِيُّ وَقَالُونُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَالْعُلَيْمِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ الْهُذَلِيُّ، وَلَمْ يُمِلْ أَحَدٌ الطَّاءَ مَعَ فَتْحِ الْهَاءِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ كُلُّ مَا يُمَالُ أَوْ يَلْطُفُ وَصْلًا فَإِنَّهُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ إِلَّا مَا كَانَ مَنْ كَلِمٍ أُمِيلَتِ الْأَلِفُ فِيهِ مِنْ أَجْلِ كَسْرَةٍ وَكَانَتِ الْكَسْرَةُ مُتَطَرِّفَةً نَحْوَ {الدَّارُ}، {الْحِمَارِ}، {هَارٍ}، {الْأَبْرَارِ}، {النَّاسِ}، {الْمِحْرَابَ} فَإِنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ ذَهَبُوا إِلَى الْوَقْفِ فِي مَذْهَبِ مَنْ أَمَالَ فِي الْوَصْلِ مَحْضًا، أَوْ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ بِإِخْلَاصِ الْفَتْحِ، هَذَا إِذَا وَقَفَ بِالسُّكُونِ اعْتِدَادًا مِنْهُمْ بِالْعَارِضِ إِذِ الْمُوجِبُ لِلْإِمَالَةِ حَالَةَ الْوَصْلِ هُوَ الْكَسْرُ، وَقَدْ زَالَ بِالسُّكُونِ فَوَجَبَ الْفَتْحُ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي بَكْرٍ الشَّذَائِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْمُنَادِي وَابْنِ حَبَشٍ وَابْنِ أَشْتَهْ، وَغَيْرِهِمْ وَحُكِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ أَيْضًا عَنِ الْبَصْرِيِّينَ، وَرَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي طَيِّبَةَ عَنْ وَرْشٍ، وَعَنِ ابْنِ كَيِّسَةٍ عَنْ سُلَيْمٍ عَنْ حَمْزَةَ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَذْهَبِ مَنْ أَمَالَ بِالْإِمَالَةِ الْخَالِصَةِ، وَفِي مَذْهَبِ مَنْ قَرَأَ بَيْنَ بَيْنَ كَذَلِكَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ كَالْوَصْلِ سَوَاءٌ إِذِ الْوَقْفُ عَارَضٌ وَالْأَصْلُ أَنْ لَا يُعْتَدَّ بِالْعَارِضِ، وَلِأَنَّ الْوَقْفَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْوَصْلِ كَمَا أُمِيلَ وَصْلًا لِأَجْلِ الْكَسْرَةِ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ يُمَالُ وَقْفًا. وَإِنْ عُدِمَتِ الْكَسْرَةُ فِيهِ وَلِيُفَرِّقْ بِذَلِكَ بَيْنَ الْمُمَالِ لِعِلَّةٍ وَبَيْنَ مَا لَا يُمَالُ أَصْلًا وَلِلْإِعْلَامِ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَالِ الْوَصْلِ كَإِعْلَامِهِمْ بِالرَّوْمِ، وَالْإِشْمَامِ حَرَكَةَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ وَاخْتِيَارُ جَمَاعَةِ الْمُحَقِّقِينَ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ عَامَّةِ الْمُقْرِئِينَ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ أَكْثَرُ الْمُؤَلِّفِينَ سِوَاهُ كَصَاحِبِ التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّلْخِيصَيْنِ وَالْهَادِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالْعُنْوَانِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالْإِرْشَادَيْنِ، وَابْنِ مِهْرَانَ وَالدَّانِيِّ وَالْهُذَلِيِّ وَأَبِي الْعِزِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، وَقَالَ: سَوَاءٌ رُمْتَ، أَوْ سَكَّنْتَ وَرَدَّ عَلَى مَنْ فَتَحَ حَالَةَ الْإِسْكَانِ، وَقَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَلَا بِالْجِيدِ لِأَنَّ الْوَقْفَ غَيْرُ لَازِمٍ وَالسُّكُونَ عَارِضٌ قُلْتُ: وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ صَحِيحَانِ عَنِ السُّوسِيِّ نَصًّا وَأَدَاءً، وَقَرَأْنَا بِهِمَا مِنْ رِوَايَتَيْهِ، وَقَطَعَ بِهِمَا لَهُ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ، وَغَيْرُهُ، وَقَطَعَ لَهُ بِالْفَتْحِ فَقَطِ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ فِي غَايَتِهِ، وَغَيْرِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جَرِيرٍ وَمَأْخُوذٌ بِهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ حَبَشٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَنِيرِ، وَفِي التَّجْرِيدِ، وَابْنُ فَارِسٍ فِي جَامِعِهِ، وَغَيْرُهُمْ وَأَطْلَقَ أَبُو الْعَلَاءِ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِسُكُونٍ وَقَيَّدَهُ آخَرُونَ بِرُءُوسِ الْآيِ كَابْنِ سَوَّارٍ وَالصِّقِلِّيِّ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْإِمَالَةِ بَيْنَ بَيْنَ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ مِنْ جَعَلَ ذَلِكَ مَعَ الرَّوْمِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْكَافِي، وَقَالَ: إِنَّهُ مَذْهَبُ الْبَغْدَادِيِّينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ وَاكْتَفَى بِالْإِمَالَةِ الْيَسِيرَةِ إِشَارَةً إِلَى الْكَسْرِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي طَاهِرِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ وَأَصْحَابِهِ وَحُكِيَ أَنَّهُ قَرَأَ بِهِ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ وَأَبِي عُثْمَانَ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَعَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنِ الْيَزِيدِيِّ وَالصَّوَابُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِالْإِسْكَانِ وَإِطْلَاقُهُ فِي رُءُوسِ الْآيِ، وَغَيْرِهَا. وَتَعْمِيمُ الْإِسْكَانِ بِحَالَتَيِ الْوَقْفِ وَالْإِدْغَامِ الْكَبِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ إِنَّ سُكُونَ كِلَيْهِمَا عَارِضٌ، وَذَلِكَ نَحْوَ {النَّارِ رَبَّنَا}، {الْأَبْرَارِ رَبَّنَا}، {الْغَفَّارِ لَا جَرَمَ}، {الْفُجَّارَ لَفِي}، وَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ حَبَشٍ عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو الْفَضْلِ الْخُزَاعِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَصَّاعِ، وَغَيْرُهُمَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي آخِرِ بَابِ الْإِدْغَامِ، وَقَدْ تَتَرَجَّحُ الْإِمَالَةُ عِنْدَ مَنْ يَأْخُذُ بِالْفَتْحِ مِنْ قَوْلِهِ فِي {النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ} لِوُجُودِ الْكَسْرَةِ بَعْدَ الْأَلِفِ حَالَةَ الْإِدْغَامِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ قُلْتُهُ قِيَاسًا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُشْبِهُ إِجْرَاءُ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْإِمَالَةِ وَبَيْنَ بَيْنَ وَالْفَتْحِ لِإِسْكَانِ الْوَقْفِ إِجْرَاءَ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْمَدِّ وَالتَّوَسُّطِ وَالْقَصْرِ فِي سُكُونِ الْوَقْفِ بَعْدَ حَرْفِ الْمَدِّ، لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِي بَابِ الْمَدِّ هُوَ الِاعْتِدَادُ بِالْعَارِضِ، وَفِي الْإِمَالَةِ عَكْسُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَالَيْنِ أَنَّ الْمَدَّ مُوجِبُهُ الْإِسْكَانُ، وَقَدْ حَصَلَ فَاعْتَبَرُوا الْإِمَالَةَ مُوجِبَهَا الْكَسْرُ، وَقَدْ زَالَ فَلَمْ يُعْتَبَرْ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّانِي: أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ بَعْدَ الْأَلِفِ الْمُمَالِ سَاكِنٌ فَإِنَّ تِلْكَ الْأَلِفَ تَسْقُطُ لِسُكُونِهَا وَلُقِيِّ ذَلِكَ السَّاكِنِ فَحِينَئِذٍ تَذْهَبُ الْإِمَالَةُ عَلَى نَوْعَيْهَا لِأَنَّهَا إِنَّمَا كَانَتْ مِنْ أَجْلِ وُجُودِ الْأَلِفِ لَفْظًا فَلَمَّا عُدِمَتْ فِيهِ امْتَنَعَتِ الْإِمَالَةُ بِعَدَمِهَا فَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهَا انْفَصَلَتْ مِنَ السَّاكِنِ تَنْوِينًا كَانَ، أَوْ غَيْرَ تَنْوِينٍ، وَعَادَتِ الْإِمَالَةُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ بِعَوْدِهَا عَلَى حَسَبِ مَا تَأَصَّلَ وَتَقَرَّرَ فَالتَّنْوِينُ يَلْحَقُ الِاسْمَ مَرْفُوعًا، وَمَجْرُورًا، وَمَنْصُوبًا وَيَكُونُ مُتَّصِلًا بِهِ فَالْمَرْفُوعُ نَحْوَ {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}، وَ{أَجَلٍ مُسَمًّى}، {لَا يُغْنِي مَوْلًى}، {هُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} وَالْمَجْرُورُ نَحْوَ فِي {قُرًى مُحَصَّنَةٍ}، {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}، {عَنْ مَوْلًى}، {مِنْ رِبًا}، {مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} وَالْمَنْصُوبُ نَحْوَ {قُرًى ظَاهِرَةً}، {أَوْ كَانُوا غُزًّا}، {أَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى}، {مَكَانًا سُوًى}، {أَنْ يُتْرَكَ سُدًى}. وَغَيْرُ التَّنْوِينِ لَا يَكُونُ إِلَّا مُنْفَصِلًا فِي كَلِمَةٍ أُخْرَى وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي اسْمٍ، وَفِعْلٍ. فَالِاسْمُ نَحْوَ {مُوسَى الْكِتَابَ}، {عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ}، {الْقَتْلَى الْحُرُّ}، {جَنَى الْجَنَّتَيْنِ}، {الرُّؤْيَا الَّتِي}، {ذِكْرَى الدَّارِ}، {الْقُرَى الَّتِي} وَالْفِعْلُ نَحْوَ {طَغَى الْمَاءُ}، {أَحْيَا النَّاسَ}. وَالْوَقْفُ بِالْإِمَالَةِ، أَوْ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ لِمَنْ مَذْهَبُهُ ذَلِكَ فِي النَّوْعَيْنِ هُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الثَّابِتُ نَصًّا وَأَدَاءً، وَهُوَ الَّذِي لَا يُؤْخَذُ نَصًّا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ بِخِلَافِهِ، بَلْ هُوَ الْمَنْصُوصُ بِهِ عَنْهُمْ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ فَأَمَّا النَّصُّ، فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ: سَمِعْتُ الْكِسَائِيَّ يَقِفُ عَلَى: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} بِالْيَاءِ، وَكَذَلِكَ: {مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، {أَوْ كَانُوا غُزًّا}، {مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى}، {أَجَلٍ مُسَمًّى}، وَقَالَ: يَسْكُتُ أَيْضًا عَلَى {سَمِعْنَا فَتًى}، {فِي قُرًى}، {أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} بِالْيَاءِ وَمِثْلُهُ حَمْزَةُ. قَالَ: خَلَفٌ وَسَمِعْتُ الْكِسَائِيَّ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {أَحْيَا النَّاسَ} الْوَقْفُ عَلَيْهِ {أَحْيَا} بِالْيَاءِ لِمَنْ كَسَرَ الْحُرُوفَ إِلَّا مَنْ يَفْتَحُ فَيَفْتَحُ مِثْلَ هَذَا. قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ: {الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} بِالْيَاءِ. وَكَذَا {مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ}، وَكَذَا {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ}، وَكَذَا {طَغَى الْمَاءُ} قَالَ: وَالْوَقْفُ عَلَى {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا} بِالْيَاءِ. وَرَوَى حَبِيبُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي طَيِّبَةَ عَنْ وَرْشٍ، عَنْ نَافِعٍ {قُرًى ظَاهِرَةً} مَفْتُوحَةً فِي الْقِرَاءَةِ مَكْسُورَةً فِي الْوَقْفِ، وَكَذَلِكَ {قُرًى مُحَصَّنَةٍ}، {سِحْرٌ مُفْتَرًى} قَالَ الدَّانِيُّ: وَلَمْ يَأْتِ بِهِ عَنْ وَرْشٍ نَصًّا غَيْرُهُ. انْتَهَى. وَمِمَّنْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذَا الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ غَلْبُونَ وَأَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ الْخَيَّاطِ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَحْكِ أَحَدٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ سِوَاهُ. وَأَمَّا الْأَدَاءُ فَهُوَ الَّذِي قَرَأْنَا بِهِ عَلَى عَامَّةِ شُيُوخِنَا، وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا أَخَذَ عَلَيَّ سِوَاهُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَاءِ إِلَى حِكَايَةِ الْفَتْحِ فِي الْمُنَوَّنِ مُطْلَقًا مِنْ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ عَمَّنْ أَمَالَ، وَقَرَأَ بَيْنَ بَيْنَ حَكَى ذَلِكَ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ فَخَّمُوا التَّنْوِينَ وَقْفًا وَرَقَّقُوا وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُهُ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ فَقَالَ: وَقَدْ فَتَحَ قَوْمٌ ذَلِكَ كُلَّهُ. قُلْتُ: وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَا قَالَ بِهِ، وَلَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي كَلَامِهِ، وَلَا أَعْلَمُهُ فِي كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الْقِرَاءَاتِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَذْهَبٌ نَحْوِيٌّ لَا أَدَائِيٌّ دَعَا إِلَيْهِ الْقِيَاسُ لَا الرِّوَايَةُ، وَذَلِكَ أَنَّ النُّحَاةَ اخْتَلَفُوا فِي الْأَلِفِ اللَّاحِقَةِ لِلْأَسْمَاءِ الْمَقْصُورَةِ فِي الْوَقْفِ فَحُكِيَ عَنِ الْمَازِنِيِّ أَنَّهَا بَدَلٌ مِنَ التَّنْوِينِ سَوَاءٌ كَانَ الِاسْمُ مَرْفُوعًا، أَوْ مَنْصُوبًا، أَوْ مَجْرُورًا وَسَبَبُ هَذَا عِنْدَهُ أَنَّ التَّنْوِينَ مَتَى كَانَ بَعْدَ فَتْحَةٍ أُبْدِلَ فِي الْوَقْفِ أَلِفًا، وَلَمْ يُرَاعِ كَوْنَ الْفَتْحَةِ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ أَوْ لَيْسَتْ كَذَلِكَ. وَحُكِيَ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَغَيْرِهِ أَنَّ هَذِهِ الْأَلِفَ لَيْسَتْ بَدَلًا مِنَ التَّنْوِينِ، وَإِنَّمَا هِيَ بَدَلٌ مِنْ لَامِ الْكَلِمَةِ لَزِمَ سُقُوطُهَا فِي الْوَصْلِ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ التَّنْوِينِ بَعْدَهَا فَلَمَّا زَالَ التَّنْوِينُ بِالْوَقْفِ عَادَتِ الْأَلِفُ وَنَسَبَ الدَّانِيُّ هَذَا الْقَوْلَ أَيْضًا إِلَى الْكُوفِيِّينَ، وَبَعْضِ الْبَصْرِيِّينَ وَعَزَاهُ بَعْضُهُمْ إِلَى سِيبَوَيْهِ قَالُوا: وَهَذَا أَوْلَى مِنْ أَنْ يُقَدَّرَ حَذْفُ الْأَلِفِ الَّتِي هِيَ مُبْدَلَةٌ مِنْ حَرْفٍ أَصْلِيٍّ وَإِثْبَاتِ الْأَلِفِ الَّتِي هِيَ مُبْدَلَةٌ مِنْ حَرْفٍ زَائِدٍ، وَهُوَ التَّنْوِينُ. وَذَهَبَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ، وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّ الْأَلِفَ فِيمَا كَانَ مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مَنْصُوبًا بَدَلٌ مِنَ التَّنْوِينِ، وَفِيمَا كَانَ مِنْهَا مَرْفُوعًا، أَوْ مَجْرُورًا بَدَلٌ مِنَ الْحَرْفِ الْأَصْلِيِّ اعْتِبَارًا بِالْأَسْمَاءِ الصَّحِيحَةِ الْأَوَاخِرِ إِذْ لَا تُبَدَّلُ فِيهَا الْأَلِفُ مِنَ التَّنْوِينِ إِلَّا فِي النَّصْبِ خَاصَّةً وَيُنْسَبُ هَذَا الْقَوْلُ إِلَى أَكْثَرِ الْبَصْرِيِّينَ وَبَعْضُهُمْ يَنْسُبُهُ أَيْضًا إِلَى سِيبَوَيْهِ قَالُوا: وَفَائِدَةُ هَذَا الْقَوْلِ إِلَى أَكْثَرِ الْبَصْرِيِّينَ وَبَعْضُهُمْ يَنْسُبُهُ أَيْضًا إِلَى سِيبَوَيْهِ قَالُوا: وَفَائِدَةُ هَذَا الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي الْوَقْفِ عَلَى لُغَةِ أَصْحَابِ الْإِمَالَةِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُوقَفَ عَلَى هَذِهِ الْأَسْمَاءِ بِالْإِمَالَةِ مُطْلَقًا عَلَى مَذْهَبِ الْكِسَائِيِّ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ، وَعَلَى مَذْهَبِ الْفَارِسِيِّ وَأَصْحَابِهِ إِنْ كَانَ الِاسْمُ مَرْفُوعًا، أَوْ مَجْرُورًا وَأَنْ يُوقَفَ عَلَيْهَا بِالْفَتْحِ مُطْلَقًا عَلَى مَذْهَبِ الْمَازِنِيِّ، وَعَلَى مَذْهَبِ الْفَارِسِيِّ إِنْ كَانَ الِاسْمُ مَنْصُوبًا لِأَنَّ الْأَلِفَ الْمُبْدَلَةَ مِنَ التَّنْوِينِ لَا تُمَالُ، وَلَمْ يُنْقَلِ الْفَتْحُ فِي ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ. نَعَمْ حَكَى ذَلِكَ فِي مَذْهَبِ التَّفْصِيلِ الشَّاطِبِيُّ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَتَفْخِيمُهُمْ فِي النَّصْبِ أَجْمَعُ أَشْمَلًا وَحَكَاهُ مَكِّيٌّ وَابْنُ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَوَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ فَذَكَرَا الْفَتْحَ عَنْهُمَا فِي الْمَنْصُوبِ وَالْإِمَالَةَ فِي الْمَرْفُوعِ وَالْمَجْرُورِ، وَقَالَ مَكِّيٌّ: إِنَّ الْقِيَاسَ هُوَ الْفَتْحُ لَكِنْ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ نَقْلُ الْقِرَاءَةِ وَعَدَمُ الرِّوَايَةِ وَثَبَاتُ الْيَاءِ فِي الشَّوَاذِّ، وَقَالَ ابْنُ شُرَيْحٍ وَالْأَشْهَرُ هُوَ الْفَتْحُ يَعْنِي فِي الْمَنْصُوبِ خَاصَّةً، وَلَمْ يَحْكِيَا خِلَافًا عَنْ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ فِي الْإِمَالَةِ وَقْفًا، وَأَمَّا ابْنُ الْفَحَّامِ فِي تَجْرِيدِهِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ إِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِمَالَةِ، بَلْ ذَكَرَ فِي بَابِ الرَّاءَاتِ بَعْدَ تَمْثِيلِهِ بِقَوْلِهِ قُرًى وَمُفْتَرًى التَّفْخِيمَ فِي الْوَصْلِ، وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ فَقَرَأْتُ فِي الْوَقْفِ بِالتَّرْقِيقِ فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ وَفَخَّمْتُ الرَّاءَ فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ. قَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَحَكَى الدَّانِيُّ أَيْضًا هَذَا التَّفْصِيلَ فِي مُفْرَدَاتِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَمْرٍو فَقَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فِي سَبَأٍ {قُرًى ظَاهِرَةً} فَإِنَّ الرَّاءَ تَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ: إِخْلَاصُ الْفَتْحِ، وَذَلِكَ إِذَا وَقَفْتَ عَلَى الْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ مِنَ التَّنْوِينِ دُونَ الْمُبْدَلَةِ مِنَ الْيَاءِ، وَالْإِمَالَةُ وَذَلِكَ إِذَا وَقَفْتُ عَلَى الْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ مِنَ الْيَاءِ دُونَ الْمُبْدَلَةِ مِنَ التَّنْوِينِ قَالَ: وَهَذَا الْأَوْجَهُ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَبِهِ آخُذُ، وَقَالَ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ، وَأَوْجَهُ الْقَوْلَيْنِ وَأَوْلَاهُمَا بِالصِّحَّةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمَحْذُوفَةَ هِيَ الْمُبْدَلَةُ مِنَ التَّنْوِينِ لِجِهَاتٍ ثَلَاثٍ إِحْدَاهُنَّ انْعِقَادُ إِجْمَاعِ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- عَلَى رَسْمِ أَلِفَاتِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ يَاءَاتٍ فِي كُلِّ الْمَصَاحِفِ. وَالثَّانِيَةُ وُرُودُ النَّصِّ عِنْدَ الْعَرَبِ وَأَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ بِإِمَالَةِ هَذِهِ الْأَلِفَاتِ فِي الْوَقْفِ، وَالثَّالِثَةُ وُقُوفُ بَعْضِ الْعَرَبِ عَلَى الْمَنْصُوبِ الْمُنَوَّنِ نَحْوَ رَأَيْتُ زَيْدًا وَضَرَبْتُ عَمْرًا وَبِغَيْرِ عِوَضٍ مِنَ التَّنْوِينِ حَكَى ذَلِكَ سَمَاعًا مِنْهُمُ الْفَرَّاءُ وَالْأَخْفَشُ قَالَ: وَهَذِهِ الْجِهَاتُ كُلُّهَا تُحَقِّقُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ مِنْ إِحْدَى الْأَلِفَيْنِ هِيَ الْأُولَى الْمُنْقَلِبَةُ عَنِ الْيَاءِ دُونَ الثَّانِيَةِ الْمُبْدَلَةِ مِنَ التَّنْوِينِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتِ الْمُبْدَلَةُ مِنْهُ لَمْ تُرْسَمْ يَاءً بِإِجْمَاعٍ، وَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ لَمْ تُقْلَبْ عَنْهَا، وَلَمْ تُمَلْ فِي الْوَقْفِ أَيْضًا لِأَنَّ مَا يُوجِبُ إِمَالَتَهَا فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، وَهُوَ الْكَسْرُ وَالْيَاءُ مَعْدُومٌ وُقُوعُهُ قَبْلَهَا، وَلِأَنَّهَا الْمَحْذُوفَةُ لَا مَحَالَةَ فِي لُغَةِ مَنْ لَمْ يُعَوِّضْ ثُمَّ قَالَ: وَالْعَمَلُ عِنْدَ الْقُرَّاءِ وَأَهَّلِ الْأَدَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي الْإِمَالَةَ قَالَ: وَبِهِ أَقُولُ لِوُرُودِ النَّصِّ بِهِ وَدَلَالَةِ الْقِيَاسِ عَلَى صِحَّتِهِ انْتَهَى. فَدَلَّ مَجْمُوعُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمُنَوَّنِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَلَا عَمَلَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافٌ نَحْوِيٌّ لَا تَعَلُّقَ لِلْقُرَّاءِ بِهِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّالِثُ: اخْتُلِفَ عَنِ السُّوسِيِّ فِي إِمَالَةِ فَتْحَةِ الرَّاءِ الَّتِي تَذْهَبُ الْأَلِفُ الْمُمَالَةُ بَعْدَهَا لِسَاكِنٍ مُنْفَصِلٍ حَالَةَ الْوَصْلِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}، {وَسَيَرَى اللَّهُ}، {تَرَى النَّاسَ}، {يَرَى الَّذِينَ}، {النَّصَارَى الْمَسِيحُ}، {الْقُرَى الَّتِي}، {ذِكْرَى الدَّارِ}، فَرَوَى عَنْهُ أَبُو عِمْرَانَ بْنُ جَرِيرٍ الْإِمَالَةُ وَصْلًا، وَهِيَ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ الرُّقِّيِّ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّحْوِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الْقُرَشِيِّ كُلُّهُمْ عَنِ السُّوسِيِّ، وَكَذَلِكَ رَوَى أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ الْيَزِيدِيِّ وَأَبُو حَمْدُونَ وَأَحْمَدُ بْنُ وَاصِلٍ كُلُّهُمْ عَنِ الْيَزِيدِيِّ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْفَضْلِ وَأَبِي مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَبِهِ قَطَعَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ لِلسُّوسِيِّ فِي التَّيْسِيرِ، وَغَيْرِهِ، وَهُوَ قِرَاءَتُهُ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ جَرِيرٍ قَالَ الدَّانِيُّ: وَاخْتَارَ الْإِمَالَةَ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ بِهَا نَصًّا وَأَدَاءً عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ أَبُو الْعَبَّاسِ مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَدِيبُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ الْخَشَّابُ وَهُمَا مِنْ جُلَّةِ النَّاقِلِينَ عَنْهُ فَهْمًا وَمَعْرِفَةً قَالَ: وَقَدْ جَاءَ بِالْإِمَالَةِ فِي ذَلِكَ نَصًّا عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ انْتَهَى. وَقَطَعَ بِهِ أَيْضًا لِلسُّوسِيِّ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ فِي كَامِلِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ، وَطَرِيقِ ابْنِ غَلْبُونَ يَعْنِي عَبْدَ الْمُنْعِمِ، وَهِيَ تَرْجِعُ أَيْضًا إِلَى أَبِي عِمْرَانَ وَمِمَّنْ قَطَعَ بِالْإِمَالَةِ لِلسُّوسِيِّ أَيْضًا أَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ صَاحِبُ الْمُفِيدِ، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ، مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ فَارِسٍ مُطْلَقًا، وَمِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى ابْنِ نَفِيسٍ فِي {نَرَى اللَّهَ}، {وَسَيَرَى اللَّهُ} خَاصَّةً، وَعَلَى {النَّصَارَى الْمَسِيحُ} فَقَطْ مِنْ قِرَاءَةِ ابْنِ نَفِيسٍ عَلَى أَبِي أَحْمَدَ، وَرَوَى ابْنُ جُمْهُورٍ، وَغَيْرُهُ عَنِ السُّوسِيِّ الْفَتْحَ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ أَكْثَرُ الْمُؤَلِّفِينَ عَنِ السُّوسِيِّ سِوَاهُ كَصَاحِبِ التَّبْصِرَةِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالْهَادِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالْكَافِي، وَالْغَايَتَيْنِ، وَالْإِرْشَادَيْنِ وَالْكِفَايَةِ، وَالْجَامِعِ وَالرَّوْضَةِ، وَالتِّذْكَارِ، وَغَيْرِهِمْ. وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ. وَإِنَّمَا اشْتُهِرَ الْفَتْحُ عَنِ السُّوسِيِّ مِنْ أَجْلِ أَنَّ ابْنَ جَرِيرٍ كَانَ يَخْتَارُ الْفَتْحَ مِنْ ذَاتِ نَفْسِهِ، كَذَا رَوَاهُ عَنْهُ فَارِسُ بْنُ أَحْمَدَ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ الدَّانِيُّ، وَالْوَجْهَانِ جَمِيعًا صَحِيحَانِ عَنْهُ، ذَكَرَهُمَا لَهُ الشَّاطِبِيُّ وَالصَّفْرَاوِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى تَرْقِيقِ اللَّامِ مِنَ اسْمِ اللَّهِ بَعْدَ هَذِهِ الرَّاءِ الْمُمَالَةِ فِي بَابِ اللَّامَاتِ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الرَّابِعُ إِنَّمَا يُسَوِّغُ إِمَالَةَ الرَّاءِ وُجُودُ الْأَلِفِ بَعْدَهَا فَتُمَالُ مِنْ أَجْلِ إِمَالَةِ الْأَلِفِ فَإِذَا وَصَلْتَ حَذَفْتَ الْأَلِفَ لِلسَّاكِنِ وَبَقِيَتِ الرَّاءُ إِمَالَةً عَلَى حَالِهَا فَلَوْ حَذَفْتَ تِلْكَ الْأَلِفَ أَصَالَةً لَمْ تَجُزْ إِمَالَةُ تِلْكَ الرَّاءِ، وَذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِهِ: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ}، {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ} لِعَدَمِ وُجُودِ الْأَلِفِ بَعْدَ الرَّاءِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا حُذِفَتْ لِلْجَزْمِ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَمَالَ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ، رَاءَ {تَرَاءَ الْجَمْعَانِ} وَصْلًا كَمَا ذَكَرْنَا، وَأَمَالَ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ رَاءَ {رَأَى الْقَمَرَ} وَنَحْوَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَلِكَ وَرَدَ عَنِ السُّوسِيِّ مِنْ بَعْضِ الطُّرُقِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَإِنَّمَا خُصَّتِ الرَّاءُ بِالْإِمَالَةِ دُونَ بَاقِي الْحُرُوفِ كَالسِّينِ مِنْ {مُوسَى الْكِتَابَ} وَاللَّامِ مِنَ {الْقَتْلَى الْحُرُّ} وَالنُّونِ مِنْ {جَنَى الْجَنَّتَيْنِ} مِنْ أَجْلِ ثِقَلِ الرَّاءِ وَقُوَّتِهَا بِالتَّكْرِيرِ تَخْصِيصُهَا مِنْ بَيْنِ الْحُرُوفِ الْمُسْتَقِلَّةِ بِالتَّفْخِيمِ فَلِذَلِكَ عُدَّتْ مِنْ حُرُوفِ الْإِمَالَةِ وَسَاغَتْ إِمَالَتُهَا لِذَلِكَ وَالْعِلَّةُ فِي إِمَالَتِهَا مِنْ نَحْوِ {يَرَى الَّذِينَ} دُونَ {قُرًى}، وَ{مُفْتَرًى} كَوْنُ السَّاكِنِ فِي الْأَوَّلِ مُنْفَصِلًا، وَالْوَصْلِ عَارِضًا فَكَانَتِ الْإِمَالَةُ مَوْجُودَةً قَبْلَ مَجِيءِ السَّاكِنِ الْمُوجِبِ لِلْحَذْفِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ مُتَّصِلٌ، وَإِثْبَاتُهُ عَارِضٌ فَعُومِلَ كُلٌّ بِأَصْلِهِ وَقِيلَ مِنْ أَجْلِ تَقْدِيرِ كَوْنِ الْأَلِفِ بَدَلًا مِنَ التَّنْوِينِ فَامْتَنَعَ لِذَلِكَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
الْخَامِسُ إِذَا وَقَفَ عَلَى {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ}، فِي الْكَهْفِ {الْهُدَى ائْتِنَا} فِي الْأَنْعَامِ {تَتْرَى} فِي الْمُؤْمِنُونَ أَمَّا {كِلْتَا} فَالْوَقْفُ عَلَيْهَا لِأَصْحَابِ الْإِمَالَةِ يُبْنَى عَلَى مَعْرِفَةِ أَلِفِهَا. وَقَدِ اخْتَلَفَ النُّحَاةُ فِيهَا فَذَكَرَ الدَّانِيُّ فِي الْمُوَضَّحِ، وَجَامِعِ الْبَيَانِ أَنَّ الْكُوفِيِّينَ قَالُوا: هِيَ أَلِفُ تَثْنِيَةٍ. وَوَاحِدُ كِلْتَا، كِلْتَ، وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ هِيَ أَلِفُ تَأْنِيثٍ وَوَزْنُ كِلْتَا فِعْلَى- كَإِحْدَى. وَسِيمَا- وَالتَّاءُ مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ وَالْأَصْلُ كَلِوَى قَالَ: فِعْلَى الْأَوَّلُ لَا يُوقَفُ عَلَيْهَا بِالْإِمَالَةِ لِأَصْحَابِ الْإِمَالَةِ، وَلَا بِبَيْنَ بَيْنَ لِمَنْ مَذْهَبُهُ ذَلِكَ، وَعَلَى الثَّانِي يُوقَفُ بِذَلِكَ فِي مَذْهَبِ مَنْ لَهُ ذَلِكَ قَالَ: وَالْقُرَّاءُ وَأَهْلُ الْأَدَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ. قُلْتُ: نَصَّ عَلَى إِمَالَتِهَا لِأَصْحَابِ الْإِمَالَةِ الْعِرَاقِيُّونَ قَاطِبَةً كَأَبِي الْعِزِّ وَابْنِ سَوَّارٍ وَابْنِ فَارِسٍ وَسِبْطِ الْخَيَّاطِ، وَغَيْرِهِمْ، وَنَصَّ عَلَى الْفَتْحِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَحَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ مَكِّيٌّ: يُوقَفُ لِحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ بِالْفَتْحِ لِأَنَّهَا أَلِفُ تَثْنِيَةٍ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ، وَلِأَبِي عَمْرٍو بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ لِأَنَّهَا أَلِفُ تَأْنِيثٍ انْتَهَى. وَالْوَجْهَانِ جَيِّدَانِ وَلَكِنِّي إِلَى الْفَتْحِ أَجْنَحُ، فَقَدْ جَاءَ بِهِ مَنْصُوصًا عَنِ الْكِسَائِيِّ سَوْرَةُ بْنُ الْمُبَارَكِ فَقَالَ: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ} بِالْأَلِفِ يَعْنِي بِالْفَتْحِ فِي الْوَقْفِ. وَأَمَّا {إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا} عَلَى مَذْهَبِ حَمْزَةَ فِي إِبْدَالِ الْهَمْزَةِ فِي الْوَقْفِ أَلِفًا قَالَ: الدَّانِيُّ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ الْفَتْحَ وَالْإِمَالَةَ فَالْفَتْحُ عَلَى أَنَّ الْأَلِفَ الْمَوْجُودَةَ فِي اللَّفْظِ بَعْدَ فَتْحَةِ الدَّالِ هِيَ الْمُبْدَلَةُ مِنَ الْهَمْزَةِ دُونَ أَلِفِ الْهُدَى وَالْإِمَالَةُ عَلَى أَنَّهَا أَلِفُ الْهُدَى دُونَ الْمُبْدَلَةِ مِنَ الْهَمْزَةِ قَالَ: وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَقِيسُ لِأَنَّ أَلِفَ الْهُدَى قَدْ كَانَتْ ذَهَبَتْ مَعَ تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ فِي حَالِ الْوَصْلِ فَكَذَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعَ الْمُبْدَلِ مِنْهَا لِأَنَّهُ تَخْفِيفٌ، وَالتَّخْفِيفُ عَارِضٌ انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ حِكَايَةُ ذَلِكَ عَنْ أَبِي شَامَةَ فِي، أَوَاخِرِ بَابِ وَقْفِ حَمْزَةَ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ الدَّانِيِّ فِي ذَلِكَ وَالْحُكْمُ فِي وَجْهِ الْإِمَالَةِ لِلْأَزْرَقِ عَنْ وَرْشٍ كَذَلِكَ وَالصَّحِيحُ الْمَأْخُوذُ بِهِ عَنْهُمَا هُوَ الْفَتْحُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا {تَتْرَى} عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ نَوَّنَ فَيَحْتَمِلُ أَيْضًا وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنَ التَّنْوِينِ فَتُجْرَى عَلَى الرَّاءِ قَبْلَهَا وُجُوهُ الْإِعْرَابِ الثَّلَاثَةُ رَفْعًا، وَنَصْبًا وَجْرًا، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ لِلْإِلْحَاقِ أُلْحِقَتْ بِجَعْفَرٍ نَحْوَ: أَرْطَى، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَجُوزُ إِمَالَتُهَا فِي الْوَقْفِ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي عَمْرٍو كَمَا لَا تَجُوزُ إِمَالَةُ أَلِفِ التَّنْوِينِ نَحْوَ {أَشَدَّ ذِكْرًا}، {مِنْ دُونِهَا سِتْرًا}، {وَيَوْمَئِذٍ زُرْقًا}، {عِوَجًا وَلَاَ أَمْتَا}، وَعَلَى الثَّانِي تَجُوزُ إِمَالَتُهَا عَلَى مَذْهَبِهِ لِأَنَّهَا كَالْأَصْلِيَّةِ الْمُنْقَلِبَةِ عَنِ الْيَاءِ. قَالَ الدَّانِيُّ وَالْقُرَّاءُ وَأَهْلُ الْأَدَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَبِهِ قَرَأْتُ، وَبِهِ آخُذُ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ مُجَاهِدٍ وَأَبِي طَاهِرِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ وَسَائِرِ الْمُتَصَدِّرِينَ انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّاطِبِيِّ أَنَّهَا لِلْإِلْحَاقِ، وَنُصُوصُ أَكْثَرِ أَئِمَّتِنَا تَقْتَضِي فَتْحَهَا لِأَبِي عَمْرٍو وَإِنْ كَانَتْ لِلْإِلْحَاقِ مِنْ أَجْلِ رَسْمِهَا بِالْأَلِفِ، فَقَدْ شَرَطَ مَكِّيٌّ وَابْنُ بَلِّيمَةَ، وَصَاحِبُ الْعُنْوَانِ، وَغَيْرُهُمْ فِي إِمَالَةِ ذَوَاتِ الرَّاءِ لَهُ أَنْ تَكُونَ الْأَلِفُ مَرْسُومَةً يَاءً، وَلَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إِلَّا إِخْرَاجَ {تَتْرَى}- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
السَّادِسُ رُءُوسُ الْآيِ الْمُمَالَةِ فِي الْإِحْدَى عَشَرَ سُورَةً مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا، فَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُمِيلِ مِنَ الْعَادِّينَ وَالْأَعْدَادُ الْمَشْهُورَةُ فِي ذَلِكَ سِتَّةٌ، وَهِيَ الْمَدَنِيُّ الْأَوَّلُ وَالْمَدَنِيُّ الْأَخِيرُ، وَالْمَكِّيُّ، وَالْبَصَرِيُّ، وَالشَّامِيُّ، وَالْكُوفِيُّ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذِهِ السُّوَرِ لِتَعْرِفَ مَذَاهِبَ الْقُرَّاءِ فِيهَا وَالْمُحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ مِنْ ذَلِكَ هُوَ عَدَدُ الْمَدَنِيِّ الْأَخِيرُ لِأَنَّهُ عَدَدُ نَافِعٍ وَأَصْحَابِهِ، وَعَلَيْهِ مَدَارُ قِرَاءَةِ أَصْحَابِهِ الْمُمِيلِينَ رُءُوسَ الْآيِ، وَعَدَدُ الْبَصْرِيِّ لِيُعْرَفَ بِهِ قِرَاءَةُ أَبِي عَمْرٍو فِي رِوَايَةِ الْإِمَالَةِ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ فِي هَذِهِ السُّوَرِ خَمْسُ آيَاتٍ، وَهِيَ قَوْلُهُ فِي طه {مِنِّي هُدًى}، {زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} عَدَّهُمَا الْمَدَنِيَّانِ، وَالْمَكِّيُّ، وَالْبَصَرِيُّ وَالشَّامِيُّ. وَلَمْ يَعُدُّهُمَا الْكُوفِيُّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي النَّجْمِ {وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} عَدَّهَا كُلُّهُمْ إِلَّا الشَّامِيَّ وَقَوْلُهُ فِي النَّازِعَاتِ {فَأَمَّا مَنْ طَغَى} عَدَّهَا الْبَصَرِيُّ، وَالشَّامِيُّ، وَالْكُوفِيُّ، وَلَمْ يَعُدَّهَا الْمَدَنِيَّانِ، وَلَا الْمَكِّيُّ. وَقَوْلُهُ فِي الْعَلَقِ {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى} عَدَّهَا كُلُّهُمْ إِلَّا الشَّامِيَّ. فَأَمَّا قَوْلُهُ فِي طه {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى} فَلَمْ يَعُدَّهَا أَحَدٌ إِلَّا الشَّامِيُّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِلَهُ مُوسَى} فَلَمْ يَعُدَّهَا أَحَدٌ إِلَّا الْمَدَنِيُّ الْأَوَّلُ، وَالْمَكِّيُّ وَقَوْلُهُ فِي النَّجْمِ {عَنْ مَنْ تَوَلَّى} لَمْ يَعُدَّهَا أَحَدٌ إِلَّا الشَّامِيُّ فَلِذَلِكَ لَمْ نَذْكُرْهَا إِذْ لَيْسَتْ مَعْدُودَةً فِي الْمَدَنِيِّ الْأَخِيرِ، وَلَا فِي الْبَصْرِيِّ إِذَا عُلِمَ هَذَا فَلْيُعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي طه {لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ}، {فَأَلْقَاهَا}، {عَصَى آدَمُ}، {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ}، {حَشَرْتِنِي أَعْمَى} وَقَوْلُهُ فِي النَّجْمِ {إِذْ يَغْشَى}، {عَمَّنْ تَوَلَّى}، {أَعْطَى قَلِيلًا}، {ثُمَّ يُجْزَاهُ}، {أَغْنَى}، {فَغَشَّاهَا} وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْقِيَامَةِ {أَوْلَى لَكَ}، {ثُمَّ أَوْلَى لَكَ} وَقَوْلُهُ فِي اللَّيْلِ: {مَنْ أَعْطَى}، {لَا يَصْلَاهَا} فَإِنَّ أَبَا عَمْرٍو يَفْتَحُ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْمُمِيلِينَ لَهُ رُءُوسَ الْآيِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَأْسِ آيَةٍ مَا عَدَا مُوسَى عِنْدَ مَنْ أَمَالَهُ عِنْدَ مَنْ أَمَالَهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَقْرَؤُهُ عَلَى أَصْلِهِ بَيْنَ بَيْنَ وَالْأَزْرَقُ عَنْ وَرْشٍ يَفْتَحُ جَمِيعَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ، وَأَبِيهِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ وَمَكِّيٍّ، وَصَاحِبِ الْكَافِي، وَصَاحِبِ الْهَادِي، وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَابْنِ بَلِّيمَةَ، وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَأْسِ آيَةٍ وَيَقْرَأُ جَمِيعَهُ بَيْنَ بَيْنَ مِنْ طَرِيقِ التَّيْسِيرِ، وَالْعُنْوَانِ، وَعَبْدِ الْجَبَّارِ وَفَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ وَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ خَاقَانِ لِكَوْنِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ، وَكَذَلِكَ {فَأَمَّا مَنْ طَغَى} فِي النَّازِعَاتِ فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ بِالْيَاءِ وَيَتَرَجَّحُ لَهُ عِنْدَ مَنْ أَمَالَ الْفَتْحَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَصْلَاهَا} فِي وَاللَّيْلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ اللَّامَاتِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
السَّابِعُ إِذَا وَصَلَ نَحْوَ {النَّصَارَى الْمَسِيحُ}، {يَتَامَى النِّسَاءِ} لِأَبِي عُثْمَانَ الضَّرِيرِ عَنِ الدُّورِيِّ عَنِ الْكِسَائِيِّ فَيَجِبُ فَتْحُ الصَّادِ مِنَ {النَّصَارَى} وَالتَّاءِ مِنْ {يَتَامَى} مِنْ أَجْلِ فَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ بَعْدَ الْأَلِفِ وَصْلًا فَإِذَا وَقَفَ عَلَيْهِمَا لَهُ أُمِيلَتِ الصَّادُ وَالتَّاءُ مَعَ الْأَلِفِ بَعْدَهُمَا مِنْ أَجْلِ إِمَالَةِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ مَعَ الْأَلِفِ بَعْدَهُمَا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهِيَ الْهَاءُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْوَصْلِ تَاءً آخِرَ الِاسْمِ نَحْوَ: نِعْمَةٍ وَرَحْمَةٍ فَتُبْدَلُ فِي الْوَقْفِ هَاءً، وَقَدْ أَمَالَهَا بَعْضُ الْعَرَبِ كَمَا أَمَالُوا الْأَلِفَ. وَقِيلَ لِلْكِسَائِيِّ إِنَّكَ تُمِيلُ مَا قَبْلَ هَاءِ التَّأْنِيثِ فَقَالَ: هَذَا طِبَاعُ الْعَرَبِيَّةِ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ الْإِمَالَةَ هُنَا لُغَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ فِيهِمْ إِلَى الْآنِ وَهُمْ بَقِيَّةُ أَبْنَاءِ الْعَرَبِ يَقُولُونَ أَخَذْتُهُ أَخْذَةً وَضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً. قَالَ: وَحَكَى نَحْوَ ذَلِكَ عَنْهُمُ الْأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ. قُلْتُ: وَالْإِمَالَةُ فِي هَاءِ التَّأْنِيثِ وَمَا شَابَهَهَا مِنْ نَحْوِ {هُمَزَةٍ}، {لُمَزَةٍ}، {خَلِيفَةً}، {بَصِيرَةٍ} هِيَ لُغَةُ النَّاسِ الْيَوْمَ وَالْجَارِيَةُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ فِي أَكْثَرِ الْبِلَادِ شَرْقًا وَغَرْبًا وَشَامًا وَمِصْرًا لَا يُحْسِنُونَ غَيْرَهَا، وَلَا يَنْطِقُونَ بِسِوَاهَا يَرَوْنَ ذَلِكَ أَخَفَّ عَلَى لِسَانِهِمْ وَأَسْهَلَ فِي طِبَاعِهِمْ، وَقَدْ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ عَنِ الْعَرَبِ ثُمَّ قَالَ: شَبَّهَ الْهَاءَ بِالْأَلِفِ فَأَمَالَ مَا قَبْلَهَا كَمَا يُمِيلُ مَا قَبْلَ الْأَلِفِ انْتَهَى، وَقَدِ اخْتَصَّ بِإِمَالَتِهَا الْكِسَائِيُّ فِي حُرُوفٍ مَخْصُوصَةٍ بِشُرُوطٍ مَعْرُوفَةٍ بِاتِّفَاقٍ وَاخْتِلَافٍ وَتَأْتِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ مُبَيَّنًا.
فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْمُتَّفَقُ عَلَى إِمَالَتِهِ قَبْلَ هَاءِ التَّأْنِيثِ وَمَا أَشْبَهَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ حَرْفًا يَجْمَعُهَا قَوْلُكُ: فَجَثَتْ زَيْنَبُ لِذَوْدِ شَمْسٍ فَالْفَاءُ وَرَدَ فِي أَحَدٍ وَعِشْرِينَ اسْمًا نَحْوَ {خَلِيفَةً}، {رَأْفَةٌ}، {الْخَطْفَةَ}، {خِيفَةً} وَالْجِيمُ فِي ثَمَانِيَةِ أَسْمَاءٍ، وَهِيَ {وَلِيجَةً}، {حَاجَةً}، {بَهْجَةٍ}، {لُجَّةً}، {نَعْجَةً}، {حُجَّةٌ}، {دَرَجَةٌ}، {زُجَاجَةٍ} وَالثَّاءُ فِي أَرْبَعَةِ أَسْمَاءٍ، وَهِيَ {ثَلَاثَةِ}، {وَرَثَةِ}، {خَبِيثَةٍ}، {مَبْثُوثَةٌ} وَالتَّاءُ فِي أَرْبَعَةِ أَسْمَاءٍ أَيْضًا {الْمَيْتَةَ}، {بَغْتَةً}، {الْمَوْتَةَ}، {سِتَّةِ} وَالزَّايُ فِي سِتَّةِ أَسْمَاءٍ {أَعَزُّ}، {الْعِزَّةُ}، {بَارِزَةً}، {بِمَفَازَةٍ}، {هُمَزَةٍ}، {لُمَزَةٍ} وَالْيَاءُ وَرَدَتْ فِي أَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ اسْمًا نَحْوَ {شِيَةَ}، {دِيَةٌ}، {حَيَّةٌ}، {خَشْيَةِ}، {زَانِيَةً} وَالنُّونُ فِي سَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ اسْمًا نَحْوَ: {سِنَةٌ}، {سَنَةٍ}، {الْجَنَّةَ}، {الْجِنَّةِ}، {لَعْنَةُ}، {زَيْتُونَةٍ} وَالْبَاءُ فِي ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ اسْمًا نَحْوَ {حَبَّةٍ}، {التَّوْبَةُ}، {الْكَعْبَةَ}، {شَيْبَةً}، {الْإِرْبَةِ}، {غَيَابَةِ} وَاللَّامُ فِي خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ اسْمًا نَحْوَ {لَيْلَةً}، {غَفْلَةٍ}، {عَيْلَةً}، {النَّخْلَةِ}، {ثُلَّةٌ}، {الضَّلَالَةِ} وَالذَّالُ فِي اسْمَيْنِ {لَذَّةٍ}، {وَالْمَوْقُوذَةُ} وَالْوَاوُ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ اسْمًا نَحْوَ: {قَسْوَةً}، {الْمَرْوَةَ}، {نَجْوَى}، {أُسْوَةٌ} وَالدَّالُ فِي ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ اسْمًا نَحْوَ: {بَلْدَةً}، {جَلْدَةً}، {عِدَّةَ}، {قِرَدَةً}، {أَفْئِدَةُ} وَالشِّينُ فِي أَرْبَعَةِ أَسْمَاءٍ {الْبَطْشَةَ}، {فَاحِشَةً}، {عِيشَةٍ}، {مَعِيشَةً} وَالْمِيمُ فِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ اسْمًا نَحْوَ {رَحْمَةً}، {نِعْمَةَ}، {أُمَّةً}، {قَائِمَةٌ}، {الطَّامَّةُ} وَالسِّينُ فِي ثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ، وَهِيَ {خَمْسَةٌ}، {الْخَامِسَةَ}، {الْمُقَدَّسَةَ}.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي الَّذِي يُوقَفُ عَلَيْهِ بِالْفَتْحِ، وَذَلِكَ إِنْ كَانَ قَبْلَ الْهَاءِ حَرْفٌ مِنْ عَشَرَةِ أَحْرُفٍ، وَهِيَ حَاعٌ وَأَحْرُفُ الِاسْتِعْلَاءِ السَّبْعَةِ قِظْ خُصَّ ضَغْطٍ إِلَّا أَنَّ الْفَتْحَ عِنْدَ الْأَلِفِ إِجْمَاعٌ، وَعِنْدَ التِّسْعَةِ الْبَاقِيَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ فَالْحَاءُ وَرَدَتْ فِي سَبْعَةِ أَسْمَاءٍ، وَهِيَ {صَيْحَةً}، {نَفْحَةٌ}، {لَوَّاحَةٌ}، {النَّطِيحَةُ}، {أَشِحَّةً، أَجْنِحَةٍ}، {مُفَتَّحَةً} وَالْأَلِفُ وَرَدَتْ فِي سِتَّةِ أَسْمَاءٍ، وَهِيَ {الصَّلَاةَ}، {الزَّكَاةَ}، {الْحَيَاةِ}، {النَّجَاةِ}، {بِالْغَدَاةِ}، {مَنَاةَ} وَيُلْحَقُ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ ذَاتُ مِنْ {ذَاتَ بَهْجَةٍ} وَنَحْوَهُ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى مَرْسُومِ الْخَطِّ {هَيْهَاتَ}، {اللَّاتَ} فِي النَّجْمِ {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} فِي ص. وَأَمَّا {التَّوْرَاةَ}، {تُقَاةً}، {مَرْضَاةِ}، {مُزْجَاةٍ}، {كَمِشْكَاةٍ} فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، بَلْ مِنَ الْبَابِ قَبْلَهُ تُمَالُ أَلِفُهُ وَصْلًا وَوَقْفًا كَمَا تَقَدَّمَ وَسَيَأْتِي إِيضَاحُهُ آخِرَ الْبَابِ وَالْعَيْنُ وَرَدَتْ فِي ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ اسْمًا نَحْوَ {سَبْعَةٌ}، {صَنْعَةَ}، {طَاعَةٌ}، {السَّاعَةُ} وَالْقَافُ فِي تِسْعَةَ عَشَرَ اسْمًا نَحْوَ: {طَاقَةَ}، {نَاقَةُ}، {الصَّعْقَةُ}، {الصَّاعِقَةُ}، {الْحَاقَّةُ} وَالظَّاءُ فِي ثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ: وَهِيَ {غِلْظَةً}، {مَوْعِظَةٌ}، {حَفَظَةً} وَالْخَاءُ فِي اسْمَيْنِ وَهُمَا الصَّاخَّةُ، نَفْخَةٌ وَالصَّادُ فِي سِتَّةِ أَسْمَاءٍ، وَهِيَ {خَالِصَةً}، {شَاخِصَةٌ}، {خَصَاصَةٌ}، {خَاصَّةً}، {مَخْمَصَةٍ}، {غُصَّةٍ} وَالضَّادُ فِي تِسْعَةِ أَسْمَاءٍ {رَوْضَةٍ}، {قَبْضَةً}، {فِضَّةٍ}، {عُرْضَةً}، {فَرِيضَةً}، {بَعُوضَةً}، {خَافِضَةٌ}، {دَاحِضَةٌ}، {مَقْبُوضَةٌ} وَالْغَيْنُ فِي أَرْبَعَةِ أَسْمَاءٍ {صِبْغَةَ}، وَ{مُضْغَةً}، وَ{بَازِغَةً}، وَ{بَالِغَةٌ} وَالطَّاءُ فِي ثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ، وَهِيَ {بَسْطَةً}، وَ{حِطَّةٌ}، {لَمُحِيطَةٌ}.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ فَيُمَالُ فِي حَالٍ وَيُفْتَحُ فِي أُخْرَى آخِرًا، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ قَبْلَ الْهَاءِ حَرْفٌ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ، وَهِيَ أَكَهَرَ فَمَتَى كَانَ قَبْلَ حَرْفٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ يَاءٌ سَاكِنَةٌ، أَوْ كَسْرَةٌ أُمِيلَتْ وَإِلَّا فُتِحَتْ، هَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنْ فَصَلَ بَيْنَ الْكَسْرَةِ وَالْهَاءِ سَاكِنٌ لَمْ يَمْنَعِ الْإِمَالَةَ؛ فَالْهَمْزَةُ وَرَدَتْ فِي أَحَدَ عَشَرَ اسْمًا مِنْهَا اسْمَانِ بَعْدَ الْيَاءِ وَهُمَا: كَهَيْئَةِ، وَخَطِيئَةً، وَخَمْسَةٌ بَعْدَ الْكَسْرَةِ، وَهِيَ: مِئَةَ، وَفِئَةٍ، وَنَاشِئَةَ، وَسَيِّئَةً، وَخَاطِئَةٍ، وَأَرْبَعَةٌ سِوَى ذَلِكَ هِيَ: النَّشْأَةَ، وَسَوْأَةَ، وَامْرَأَةُ، وَبَرَاءَةٌ، وَالْكَافُ وَرَدَتْ أَيْضًا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ اسْمًا؛ وَاحِدٌ بَعْدَ الْيَاءِ، وَهُوَ الْأَيْكَةُ، وَأَرْبَعَةٌ بَعْدَ الْكَسْرَةِ، وَهِيَ ضَاحِكَةٌ، وَمُشْرِكَةٍ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالْمُؤْتَفِكَةِ وَسِتَّةٌ سِوَى مَا تَقَدَّمَ، وَهِيَ بَكَّةَ، وَدَكَّةً، وَالشَّوْكَةِ، وَالتَّهْلُكَةِ، وَمُبَارَكَةٍ وَالْهَاءُ وَرَدَتْ فِي أَرْبَعَةِ أَسْمَاءٍ اثْنَانِ بَعْدَ الْكَسْرَةِ الْمُتَّصِلَةِ، وَهِيَ آلِهَةٌ، وَفَاكِهَةً وَوَاحِدٌ بَعْدَ الْمُنْفَصِلَةِ، وَهُوَ وِجْهَةٌ وَالْآخَرُ بَعْدَ الْأَلِفِ، وَهُوَ سَفَاهَةٌ وَالرَّاءُ وَرَدَتْ فِي ثَمَانِيَةٍ وَثَمَانِينَ اسْمًا سِتَّةٌ بَعْدَ الْيَاءِ، وَهِيَ كَبِيرَةً، وَكَثِيرَةً، وَصَغِيرَةً، وَالظَّهِيرَةِ، وَبَحِيرَةٍ، وَبَصِيرَةٌ وَثَلَاثُونَ بَعْدَ الْكَسْرَةِ الْمُتَّصِلَةِ، أَوِ الْمَفْصُولَةِ بِالسَّاكِنِ نَحْوَ الْآخِرَةُ، وَفَنَظِرَةٌ، وَحَاضِرَةً، وَكَافِرَةٌ، وَالْمَغْفِرَةِ، وَعِبْرَةٌ، وَسِدْرَةِ، وَفِطْرَةَ، وَمِرَّةٍ، وَفِي اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ سِوَى مَا تَقَدَّمَ نَحْوَ: جَهْرَةً، وَحَسْرَةً، وَكَرَّةً، وَالْعُمْرَةِ، وَالْحِجَارَةِ، وَسَفَرَةٍ، وَبَرَرَةٍ، وَمَيْسَرَةٍ، مَعَرَّةٌ. إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ الْكِسَائِيَّ اتَّفَقَ الرُّوَاةُ عَنْهُ عَلَى الْإِمَالَةِ عِنْدَ الْحُرُوفِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ، وَهِيَ الَّتِي فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا، وَاتَّفَقُوا عَلَى الْفَتْحِ عِنْدَ الْأَلِفِ مِنَ الْقِسْمِ الثَّانِي وَاتَّفَقَ جُمْهُورُهُمْ عَلَى الْفَتْحِ عِنْدَ التِّسْعَةِ الْبَاقِيَةِ مِنَ الْقِسْمِ الثَّانِي، وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْأَحْرُفِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ مَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَ يَاءٍ سَاكِنَةٍ، أَوْ كَسْرَةٍ مُتَّصِلَةٍ، أَوْ مَفْصُولَةٍ بِسَاكِنٍ، هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ وَجُلَّةُ أَهْلِ الْأَدَاءِ وَعَمَلُ جَمَاعَةِ الْقُرَّاءِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُجَاهِدٍ وَابْنِ أَبِي الشَّفَقِ وَالنَّقَّاشِ وَابْنِ الْمُنَادِي، وَأَبِي طَاهِرِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ، وَأَبِي بَكْرِ الشَّذَائِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ وَأَبِي مُحَمَّدٍ مَكِّيٍّ وَأَبِي الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيِّ وَابْنِ سُفْيَانَ وَابْنِ شُرَيْحٍ وَابْنِ مِهْرَانَ وَابْنِ فَارِسٍ وَأَبِي عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيِّ وَابْنِ شَيْطٍ وَابْنِ سَوَّارٍ وَابْنِ الْفَحَّامِ الصِّقِلِّيِّ، وَصَاحِبِ الْعُنْوَانِ، وَالْحَافِظِ أَبِي الْعَلَاءِ وَأَبِي الْعِزِّ وَأَبِي عَلِيٍّ الْبَيْطَارِ وَأَبِي إِسْحَاقٍ الطَّبَرِيِّ، وَغَيْرِهِمْ وَإِيَّاهُ أَخْتَارُ، وَبِهِ قَرَأَ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، عَلَى شَيْخِهِ ابْنِ غَلْبُونَ، وَهُوَ اخْتِيَارُهُ، وَاخْتِيَارُ أَبِي الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيِّ، وَأَكْثَرُ الْمُحَقِّقِينَ، وَقَدِ اسْتَثْنَى جَمَاعَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ: {فِطْرَةَ} وَهِيَ فِي الرَّوْمِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكِسَائِيَّ يَقِفُ عَلَيْهِ بِالْهَاءِ عَلَى أَصْلِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِيمَا كُتِبَ بِالتَّاءِ، وَاعْتَدُّوا بِالْفَاصِلِ بَيْنَ الْكَسْرَةِ وَالْهَاءِ وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا، وَذَلِكَ بِسَبَبِ كَوْنِهِ حَرْفَ اسْتِعْلَاءٍ وَإِطْبَاقٍ، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي طَاهِرِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ وَالشَّذَائِيِّ وَأَبِي الْفَتْحِ بْنِ شَيْطٍ وَابْنِ سَوَّارٍ وَأَبِي مُحَمَّدٍ سِبْطِ الْخَيَّاطِ وَأَبِي الْعَلَاءِ الْحَافِظِ، وَصَاحِبِ التَّجْرِيدِ، وَابْنِ شُرَيْحٍ وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ فَارِسٍ، وَذَهَبَ سَائِرُ الْقُرَّاءِ إِلَى الْإِمَالَةِ طَرْدًا لِلْقَاعِدَةِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ سَاكِنٍ قَوِيٍّ وَضَعِيفٍ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ مُجَاهِدٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَصَاحِبُ الْعُنْوَانِ، وَابْنُ غَلْبُونَ وَابْنُ سُفْيَانَ وَالْمَهْدَوِيُّ وَالشَّاطِبِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي غَيْرِ التَّيْسِيرِ، وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ الْخِلَافَ فِيهَا عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ وَشَيْخِ أَبِي الْحَسَنِ عَبْدِ الْبَاقِي، وَرَوَى عَنْهُ فَقَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْحَسَنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ السِّيرَافِيَّ عَنْ هَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُو طَاهِرٍ فَقَالَ: لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ هَذِهِ الْهَاءَ طَرَفٌ وَالْإِعْرَابُ لَا يُرَاعَى فِيهِ الْحَرْفُ الْمُسْتَعْلَى، وَلَا غَيْرُهُ، قَالَ: وَفِي الْقُرْآنِ: أَعْطَى، وَاتَّقَى، وَيَرْضَى لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْإِمَالَةِ فِيهِ، وَفِي شِبْهِهِ فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى الْإِمَالَةِ لِقُوَّةِ الْإِمَالَةِ فِي الْأَطْرَافِ فِي مَوْضِعِ التَّغْيِيرِ كَانَتِ الْهَاءُ فِي الْوَقْفِ بِمَثَابَةِ الْأَلِفِ إِذَا عُدِمَتِ الْأَلِفُ نَحْوَ {مَكَّةَ}، {وَفِطْرَةَ} انْتَهَى. وَالْوَجْهَانِ جَيِّدَانِ صَحِيحَانِ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ إِلَى إِجْرَاءِ الْهَمْزَةِ وَالْهَاءِ مُجْرَى الْأَحْرُفِ الْعَشَرَةِ الَّتِي هِيَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فَلَمْ يُمِيلُوا عِنْدَهُمَا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمَا مِنْ أَحْرُفِ الْحَلْقِ أَيْضًا فَكَانَ لَهُمَا حُكْمُ أَخَوَاتِهِمَا، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ فَارِسٍ وَأَبِي طَاهِرِ بْنِ سَوَّارٍ وَأَبِي الْعِزِّ الْقَلَانِسِيِّ وَأَبِي الْفَتْحِ ابْنِ شَيْطٍ وَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْفَحَّامِ وَأَبِي الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ إِلَّا أَنَّ الْهَمْدَانِيَّ مِنْهُمْ قَطَعَ بِإِمَالَةِ الْهَاءِ إِذَا كَانَتْ بَعْدَ كَسْرَةٍ مُتَّصِلَةٍ نَحْوَ: {فَاكِهَةٌ}. وَبِالْفَتْحِ إِذَا فَصَلَ بَيْنَهُمَا سَاكِنٌ نَحْوَ {وَجْهَهُ}، وَهَذَا ظَاهِرُ عِبَارَةِ صَاحِبِ الْعُنْوَانِ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ، وَلِبَعْضِ أَهْلِ الْأَدَاءِ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ، وَالْمَغَارِبَةِ اخْتِلَافٌ فِي أَحْرُفِ الْقِسْمِ الثَّالِثِ فِي الْأَرْبَعَةِ فَظَاهِرُ عِبَارَةِ التَّبْصِرَةِ إِطْلَاقُ الْإِمَالَةِ عِنْدَهَا، وَحَكَاهُ أَيْضًا فِي الْكَافِي، وَحَكَى مَكِّيٌّ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي الطَّيِّبِ الْإِمَالَةَ إِذَا وَقَعَ قَبْلَ الْهَمْزَةِ سَاكِنٌ كُسِرَ مَا قَبْلَهُ، أَوْ لَمْ يُكْسَرْ، وَكَذَا عِنْدَ ابْنِ بَلِّيمَةَ، وَأَطْلَقَ الْإِمَالَةَ عِنْدَ الْكَافِي بِغَيْرِ شَرْطٍ وَاعْتَبَرَ مَا قَبْلَ الثَّلَاثَةِ الْأَخَرَ، وَكَذَا مَذْهَبُ صَاحِبِ الْعُنْوَانِ فِي الْهَمْزَةِ يُمِيلُهَا إِذَا كَانَ قَبْلَهَا سَاكِنٌ وَاسْتَثْنَى مِنَ السَّاكِنِ الْأَلِفَ نَحْوَ {بَرَاءَةٌ} وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا هُوَ الْمُخْتَارُ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَبِهِ الْأَخْذُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى إِطْلَاقِ الْإِمَالَةِ عِنْدَ جَمِيعِ الْحُرُوفِ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا شَيْئًا سِوَى الْأَلِفِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَجْرَوْا حُرُوفَ الْحَلْقِ وَالِاسْتِعْلَاءِ، وَالْحَنَكِ مُجْرَى بَاقِي الْحُرُوفِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهَا، وَلَا اشْتَرَطُوا فِيهَا شَرْطًا، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَابْنِ شَنَبُوذَ وَابْنِ مِقْسَمٍ وَأَبِي مُزَاحِمٍ الْخَاقَانِيِّ وَأَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ، وَشَيْخِهِ أَبِي الْحَسَنِ عَبْدِ الْبَاقِي الْخُرَاسَانِيِّ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ الْمَذْكُورِ، وَبِهِ قَالَ السِّيرَافِيُّ وَثَعْلَبُ وَالْفِرَاءُ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ إِلَى الْإِمَالَةِ عَنْ حَمْزَةَ مِنْ رِوَايَتَيْهِ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْهُ كَمَا رَوَوْهُ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَرَوَى ذَلِكَ عَنْهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ فِي الْكَامِلِ، وَلَمْ يَحْكِ عَنْهُ فِيهِ خِلَافًا، بَلْ جَعَلَهُ، وَالْكِسَائِيُّ، سَوَاءً، وَرَوَاهُ أَيْضًا أَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ وَأَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَرِيقِ النَّهْرَوَانِيِّ إِلَّا أَنَّ ابْنَ سَوَّارٍ خَصَّ بِهِ رِوَايَةَ خَلَفٍ وَأَبِي حَمْدُونَ عَنْ سُلَيْمٍ، وَلَمْ يَخُصَّ غَيْرَهُ عَنْ حَمْزَةَ فِي ذَلِكَ رِوَايَةً، بَلْ أَطْلَقُوا الْإِمَالَةَ لِحَمْزَةَ مِنْ جَمِيعِ رِوَايَةِ، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو مُزَاحِمٍ الْخَاقَانِيُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ عَنْ إِدْرِيسَ عَنْ خَلَفٍ، وَحَكَى ذَلِكَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ حَمْزَةَ مِنْ رِوَايَتِي خَلَفٍ وَخَلَّادٍ، وَانْفَرَدَ الْهُذَلِيُّ بِالْإِمَالَةِ أَيْضًا عَنْ خَلَفٍ فِي اخْتِيَارِهِ، وَعَنِ الدَّاجُونِيِّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ، وَعَنِ النَّخَّاسِ عَنِ الْأَزْرَقِ عَنْ وَرْشٍ، وَغَيْرِهِمْ إِمَالَةً مَحْضَةً، وَعَنْ بَاقِي أَصْحَابِ نَافِعٍ وَابْنِ عَامِرٍ وَأَبِي عَمْرٍو وَأَبِي جَعْفَرٍ، بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، وَلِمَا حَكَى الدَّانِيُّ عَنِ ابْنِ شَنَبُوذَ عَنْ أَصْحَابِهِ فِي رِوَايَةِ نَافِعٍ وَأَبِي عَمْرٍو إِمَالَةَ هَاءِ التَّأْنِيثِ قَالَ عَقِيبَ ذَلِكَ: وَلَا يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ شَنَبُوذَ عَنْ نَافِعٍ وَأَبِي عَمْرٍو وَأَنَّهَا بَيْنَ بَيْنَ وَلَيْسَتْ بِخَالِصَةٍ. قُلْتُ: وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ هُوَ الْفَتْحُ عَنْ جَمِيعِ الْقُرَّاءِ إِلَّا فِي قِرَاءَةِ الْكِسَائِيِّ وَمَا ذُكِرَ عَنْ حَمْزَةَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
الْأَوَّلُ: قَوْلُ سِيبَوَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ إِنَّمَا أُمِيلَتِ الْهَاءُ تَشْبِيهًا لَهَا بِالْأَلِفِ مُرَادُهُ أَلِفُ التَّأْنِيثِ خَاصَّةً لَا الْأَلِفُ الْمُنْقَلِبَةُ عَنِ الْيَاءِ وَوَجْهُ الشَّبَهِ بَيْنَ هَذِهِ الْهَاءِ، وَأَلِفِ التَّأْنِيثِ أَنَّهُمَا زَائِدَتَانِ، وَأَنَّهُمَا لِلتَّأْنِيثِ، وَأَنَّهُمَا سَاكِنَتَانِ، وَأَنَّهُمَا مَفْتُوحٌ مَا قَبْلَهُمَا، وَأَنَّهُمَا مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، أَوْ قَرِيبًا الْمَخْرَجِ عَلَى مَا قَرَّرْنَا، وَأَنَّهُمَا حَرْفَانِ خَفِيَّانِ قَدْ يَحْتَاجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُبَيَّنَ بِغَيْرِهِ، كَمَا بَيَّنُوا أَلِفَ النُّدْبَةِ فِي الْوَقْفِ بِالْهَاءِ بَعْدَهُ فِي نَحْوِ: وَازَيْدَاهُ. وَبَيَّنُوا هَاءَ الْإِضْمَارِ بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ نَحْوَ: ضَرَبَهُ زَيْدٌ، وَمَرَّ بِهِ عَمْرٌو. كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ، فَقَدِ اشْتَمَلَ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى، أَوْجُهٍ مِنَ الشَّبَهِ الْخَاصِّ بِالْأَلِفِ وَالْهَاءِ اللَّذَيْنِ لِلتَّأْنِيثِ، وَعَلَى، أَوْجُهٍ مِنَ الشَّبَهِ الْعَامِّ بَيْنَ الْهَاءِ وَالْأَلِفِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ التَّأْنِيثِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ اتِّفَاقُ الْأَلِفِ وَالْهَاءِ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَزَادَتْ هَذِهِ الْهَاءُ الَّتِي لِلتَّأْنِيثِ عَلَى الْخُصُوصِ اتِّفَاقَهَا مَعَ أَلِفِ التَّأْنِيثِ عَلَى الْخُصُوصِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى مَعْنَى التَّأْنِيثِ، وَكَانَتْ أَلِفُ التَّأْنِيثِ تُمَالُ لِشَبَهِهَا بِالْأَلِفِ الْمُنْقَلِبَةِ عَنِ الْيَاءِ أَمَالُوا هَذِهِ الْهَاءَ حَمْلًا عَلَى أَلِفِ التَّأْنِيثِ الْمُشَبَّهَةِ فِي الْإِمَالَةِ بِالْأَلِفِ الْمُنْقَلِبَةِ عَنِ الْيَاءِ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ.
الثَّانِي: اخْتَلَفُوا فِي هَاءِ التَّأْنِيثِ هَلْ هِيَ مُمَالَةٌ مَعَ مَا قَبْلَهَا، أَوْ أَنَّ الْمُمَالَ هُوَ مَا قَبْلَهَا وَأَنَّهَا نَفْسَهَا لَيْسَتْ مُمَالَةً فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَافِظِ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ وَأَبِي الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيِّ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُرَيْحٍ وَأَبِي الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى الثَّانِي، وَهُوَ مَذْهَبُ مَكِّيٍّ، وَالْحَافِظِ أَبِي الْعَلَاءِ وَأَبِي الْعِزِّ وَابْنِ الْفَحَّامِ وَأَبِي الطَّاهِرِ بْنِ خَلَفٍ وَأَبِي مُحَمَّدٍ سِبْطِ الْخَيَّاطِ وَابْنِ سَوَّارٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إِلَى الْقِيَاسِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ حَيْثُ قَالَ: شِبْهُ الْهَاءِ بِالْأَلِفِ يَعْنِي فِي الْإِمَالَةِ وَالثَّانِي أَظْهَرُ فِي اللَّفْظِ، وَأَبْيَنُ فِي الصُّورَةِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ خِلَافٌ فَبِاعْتِبَارِ حَدِّ الْإِمَالَةِ وَأَنَّهُ تَقْرِيبُ الْفَتْحَةِ مِنَ الْكَسْرَةِ وَالْأَلِفِ مِنَ الْيَاءِ فَإِنَّ هَذِهِ الْهَاءَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُدَّعَى تَقْرِيبُهَا مِنَ الْيَاءِ، وَلَا فَتْحَةَ فِيهَا فَتُقَرَّبُ مِنَ الْكَسْرَةِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يُخَالِفُ فِيهِ الدَّانِيُّ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ. وَبِاعْتِبَارِ أَنَّ الْهَاءَ إِذَا أُمِيلَتْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَصْحَبَهَا فِي صَوْتِهَا حَالٌ مِنَ الضَّعْفِ خَفِيٌّ يُخَالِفُ حَالَهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا مُمَالٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْحَالُ مِنْ جِنْسِ التَّقْرِيبِ إِلَى الْيَاءِ فَيُسَمَّى ذَلِكَ الْمِقْدَارُ إِمَالَةً، وَهَذَا مِمَّا لَا يُخَالِفُ فِيهِ مَكِّيٌّ، وَمَنْ قَالَ: بِقَوْلِهِ فَعَادَ النِّزَاعُ فِي ذَلِكَ لَفْظِيًّا إِذْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، بِلَفْظٍ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّالِثُ: هَاءُ السَّكْتِ نَحْوَ {كِتَابِيَهْ}، وَ{حِسَابِيَهْ}، وَ{مَالِيَهْ}، وَ{يَتَسَنَّهُ}، لَا تَدْخُلُهَا الْإِمَالَةُ لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ إِمَالَتِهَا كَسْرَ مَا قَبْلَهَا، وَهِيَ إِنَّمَا أُتِيَ بِهَا بَيَانًا لِلْفَتْحَةِ قَبْلَهَا فَفِي إِمَالَتِهَا مُخَالَفَةٌ لِلْحِكْمَةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا اجْتُلِبَتْ. وَقَالَ الْهُذَلِيُّ: الْإِمَالَةُ فِيهَا بَشِعَةٌ، وَقَدْ أَجَازَهَا الْخَاقَانِيُّ وَثَعْلَبٌ. وَقَالَ الدَّانِيُّ فِي كِتَابِ الْإِمَالَةِ وَالنَّصُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَالسَّمَاعُ مِنَ الْعَرَبِ إِنَّمَا وَرَدَ فِي هَاءِ التَّأْنِيثِ خَاصَّةً قَالَ: وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ مِنْهُمْ أَبُو مُزَاحِمٍ الْخَاقَانِيُّ كَانُوا يُجْرُونَهَا مُجْرَى هَاءِ التَّأْنِيثِ فِي الْإِمَالَةِ وَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ مُجَاهِدٍ فَأَنْكَرَهُ أَشَدَّ النَّكِيرِ، وَقَالَ: فِيهِ أَبْلَغَ قَوْلٍ، وَهُوَ خَطَأٌ بَيِّنٌ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الرَّابِعُ الْهَاءُ الْأَصْلِيَّةُ نَحْوَ وَلَمَّا تَوَجَّهَ لَا يَجُوزُ إِمَالَتُهَا وَإِنْ كَانَتِ الْإِمَالَةُ تَقَعُ فِي الْأَلِفِ الْأَصْلِيَّةِ لِأَنَّ الْأَلِفَ أُمِيلَتْ مِنْ حَيْثُ إِنَّ أَصْلَهَا الْيَاءُ وَالْهَاءُ لَا أَصْلَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَلِذَلِكَ لَا تَقَعُ الْإِمَالَةُ فِي هَاءِ الضَّمِيرِ نَحْوَ {يَسَّرَهُ}، وَ{أَقْبَرَهُ}، وَ{أَنْشَرَهُ} لِيَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَاءِ التَّأْنِيثِ، وَغَيْرِهَا. وَأَمَّا الْهَاءُ مِنْ هَذِهِ فَإِنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَى إِمَالَةٍ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا مَكْسُورٌ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْخَامِسُ لَا تَجُوزُ الْإِمَالَةُ فِي نَحْوِ: الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ. وَبَابُهُ مِمَّا قَبْلَهُ أَلِفٌ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلِفَ لَوْ أُمِيلَتْ لَزِمَ إِمَالَةُ مَا قَبْلَهَا، وَلَمْ يُمْكِنِ الِاقْتِصَارُ عَلَى إِمَالَةِ الْأَلِفِ مَعَ الْهَاءِ دُونَ إِمَالَةِ مَا قَبْلَ الْأَلِفِ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الِاقْتِصَارُ عَلَى إِمَالَةِ الْهَاءِ وَالْحَرْفِ الَّذِي قَبْلَهَا فَقَطْ، فَلِهَذَا أُمِيلَتِ الْأَلِفُ فِي نَحْوِ: التَّوْرَاةُ، وَمُزْجَاةٍ. وَبَابُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ، لِأَنَّهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْيَاءِ لَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لِلتَّأْنِيثِ. قَالَ الدَّانِيُّ فِي مُفْرَدَاتِهِ: إِنَّ الْأَلِفَ وَمَا قَبْلَهَا هُوَ الْمُمَالُ فِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ لَا الْهَاءُ، وَمَا قَبْلَهَا إِذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمَا جَازَتِ الْإِمَالَةُ فِيهَا فِي حَالِ الْوَصْلِ لِانْقِلَابِ الْهَاءِ الْمُشَبَّهَةِ بِالْأَلِفِ فِيهِ تَاءً. وَقَالَ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ إِنَّ مَنْ أَمَالَ ذَلِكَ لَمْ يَقْصِدْ إِمَالَةَ الْهَاءِ، بَلْ قَصَدَ إِمَالَةَ الْأَلِفِ وَمَا قَبْلَهَا وَلِذَلِكَ سَاغَ لَهُ اسْتِعْمَالُهَا فِيهِنَّ فِي حَالِ الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ جَمِيعًا، وَلَوْ قَصَدَ إِمَالَةَ الْهَاءِ لَامْتَنَعَ ذَلِكَ فِيهَا لِوُقُوعِ الْأَلِفِ قَبْلَهَا كَامْتِنَاعِهِ فِي: الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَشَبَهِهِمَا. قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ لَطِيفٌ غَامِضٌ انْتَهَى. وَيَلْزَمُ عَلَى مَذْهَبِهِ وَمَذْهَبِ أَصْحَابِهِ أَنْ يُقَالَ: الْقَدْرُ الَّذِي يَحْصُلُ فِي صَوْتِ الْهَاءِ مِنَ التَّكَيُّفِ الَّذِي يُسَمُّونَهُ إِمَالَةً بَعْدَ الْفَتْحَةِ الْمُمَالَةِ حَاصِلٌ أَيْضًا بَعْدَ الْأَلِفِ الْمُمَالَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْإِمَالَةُ بِسَبَبِ الْهَاءِ، وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَكِّيٍّ وَأَصْحَابِهِ لِأَنَّ الْإِمَالَةَ عِنْدَهُمْ لَا تَكُونُ فِي الْهَاءِ كَمَا قَدَّمْنَا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: آنِيَةٍ فِي سُورَةِ الْغَاشِيَةِ يُمِيلُ مِنْهَا هِشَامٌ فَتْحَةَ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفَ بَعْدَهَا خَاصَّةً وَيَفْتَحُ الْيَاءَ وَالْهَاءَ. وَالْكِسَائِيُّ مِنْ طُرُقِنَا يَعْكِسُ ذَلِكَ فَيُمِيلُ فَتْحَةَ الْيَاءِ وَالْهَاءِ فِي الْوَقْفِ وَيَفْتَحُ الْهَمْزَةَ وَالْأَلِفَ، وَلَا يُمِيلُ الْجَمِيعَ إِلَّا قُتَيْبَةُ فِي رِوَايَتِهِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ مَذْهَبِهِ وَمَعْلُومٌ مِنْ طُرُقِهِ، وَأَمَّا نَحْوَ {الْآخِرَةُ}، وَ{بَاسِرَةٌ}، وَ{كَبِيرَةً}، وَ{صَغِيرَةً} فِي رِوَايَةِ وَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ حَيْثُ يُرَقِّقُ الرَّاءَ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ كَمَذْهَبِ الْكِسَائِيِّ وَإِنْ سَمَّاهُ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا إِمَالَةً كَالدَّانِيِّ وَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ فَقَالَ: لِأَنَّ وَرْشًا إِنَّمَا يَقْصِدُ إِمَالَةَ فَتْحَةِ الرَّاءِ فَقَطْ وَلِذَلِكَ أَمَالَهَا فِي الْحَالَيْنِ، وَالْكِسَائِيُّ إِنَّمَا قَصَدَ إِمَالَةَ الْهَاءِ وَلِذَلِكَ خَصَّ بِهَا الْوَقْفَ لَا غَيْرَ إِذْ لَا تُوجَدُ الْهَاءُ فِي ذَلِكَ إِلَّا فِيهِ انْتَهَى. وَهُوَ لَطِيفٌ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
|